زاوية الشيخ تحتفي بتاريخها وتراثها بندوة علمية حول “الذاكرة والتنمية”
زاوية الشيخ، المغرب – احتضن فضاء الذاكرة التاريخية للمقاومة والتحرير بمدينة زاوية الشيخ، زوال يوم السبت 17 ماي 2025، في مبادرة علمية وثقافية نوعية، أشغال ندوة علمية متميزة تحت عنوان: “جوانب من تاريخ زاوية الشيخ وقبيلة آيت أم البخت وتراثهما“. الندوة التي جاءت بتنظيم مشترك بين فضاء الذاكرة التاريخية ومركز أݣورا للدراسات الإعلامية والاجتماعية والسياسية والجمعية الثقافية بزاوية الشيخ، سعت إلى تسليط الضوء على المخزون التاريخي والتراثي الغني للمنطقة وسبل توظيفه في مسار التنمية.

عرف هذا اللقاء العلمي حضورًا لافتًا ضم نخبة من الأساتذة الباحثين، الفاعلين الجمعويين، الطلبة، التلاميذ، إلى جانب إعلاميين محليين وجهويين، مما عكس الاهتمام المتزايد بتاريخ المنطقة وتراثها. وامتدت أشغال الندوة على مدار جلستين علميتين تفاعليتين، سبقتهما جلسة افتتاحية غنية بالكلمات الترحيبية والتوجيهية.
افتتحت الندوة بكلمة ترحيبية للدكتورة لالة مريم الداكي، ممثلة فضاء الذاكرة التاريخية، أكدت من خلالها على الأهمية القصوى لتثمين التراث المحلي وصيانة الذاكرة الجماعية كركيزة أساسية لبناء المستقبل. تلتها كلمة السيد أسامة باجي، رئيس الجمعية الثقافية بزاوية الشيخ، ثم كلمة الأستاذ عبد الرحيم اودمجان عن مركز أݣورا، التي شدد عبرها على الدور المحوري للتاريخ المحلي في تعزيز الهوية الجماعية ودفع عجلة التنمية المجالية الشاملة.

الجلسة العلمية الأولى، التي ترأسها الأستاذ عبد الرحيم أودمجان، خصصت لمناقشة التاريخ الاقتصادي والاجتماعي للمنطقة. وشهدت هذه الجلسة مداخلات قيمة من قبل:
- الدكتور عبد الواحد فينيك (جامعة الحسن الثاني) الذي قدم مداخلة حول “الماء وتنظيم المجال بزاوية الشيخ”، مسلطاً الضوء على العلاقة بين الموارد المائية والتنظيم المكاني.
- ذ. عبد الرحمان زهواني (باحث بكلية الآداب بني ملال) الذي تناول موضوع “العرف في تدبير مياه السقي التقليدي”، مستعرضاً آليات التنظيم الاجتماعي للمياه.
- ذ. عبد الصمد الحدوشي (باحث في التاريخ والتراث) الذي قدم مداخلة عن “التراث المعماري بجبل آيت أم البخت”، كاشفاً عن كنوز معمارية فريدة.
أما الجلسة العلمية الثانية، التي أدارها الأستاذ محمد الغلام، فتمحورت حول التراث الثقافي وسبل المحافظة عليه وتثمينه. وقد أثرى هذه الجلسة كل من:
- ذ. عبد الرحمان أوشن بمداخلة حول “التراث اللامادي والإكراهات التي يواجهها”، داعياً إلى صون هذا المكون الهام من الهوية.
- ذ. عبد الغاني السراضي (باحث في التاريخ القديم) بمساهمة حول “جهود فضاء الذاكرة في حفظ التراث الثقافي المحلي”، مستعرضاً المبادرات القائمة.
- ذ. أسامة باجي بمداخلة بعنوان “الصحافة والتاريخ في ترسيخ الهوية الثقافية”، مؤكداً على دور الإعلام في حفظ الذاكرة.
شهدت الندوة نقاشًا معمقًا وبناءً، تُوج بعدد من التوصيات الهامة التي تروم صيانة التراث وتوظيفه كرافعة للتنمية. من أبرز هذه التوصيات:
- ضرورة ترميم المعالم التاريخية للمنطقة.
- تنظيم مدارات سياحية تربط بين الذاكرة التاريخية والطبيعة الخلابة للمنطقة.
- توثيق العروض العلمية المقدمة خلال الندوة في إصدار خاص يتاح للباحثين والمهتمين.
- العمل على رقمنة الذاكرة المحلية والتراث اللامادي للمنطقة وتوفير قاعدة بيانات مفتوحة للباحثين لتسهيل الوصول إلى المعلومات.
- دعم الإنتاجات الإعلامية والتواصلية التي تتناول تراث زاوية الشيخ ومحيطها القبلي، وتشجيع الشباب على الانخراط في مشاريع سردية توثق الهوية المحلية.
- اعتماد هذه الندوة كتقليد سنوي يجمع فاعلي الثقافة والبحث الأكاديمي بالمنطقة، لجعل الذاكرة الجماعية رافعة للتنمية المجالية المستدامة.
في تصريح خاص عقب انتهاء أشغال الندوة، أكد الأستاذ أسامة باجي، منسق مركز أݣورا، أن “هذه الندوة تمثل حلقة أولى في مشروع بحثي وثقافي أوسع يهدف إلى استعادة التاريخ المحلي وإخراجه من التهميش، عبر إشراك الجامعة والمجتمع المدني والإعلام في توثيقه وتثمينه.”
من جانبه، أبرز الأستاذ عبد الغاني السراضي، القيم على فضاء الذاكرة التاريخية بزاوية الشيخ، أن “الرهان اليوم لم يعد فقط على حفظ الذاكرة، بل على إبداع وسائل جديدة لنقلها للأجيال الصاعدة، والرقمنة واحدة من أهم هذه الوسائل، إلى جانب فتح الفضاءات التاريخية أمام التلاميذ والطلبة ووسائل الإعلام.”
واختتم اللقاء بتوزيع شواهد تقديرية على المشاركين والمنظمين، والتقاط صور جماعية، في أجواء احتفائية عكست الغنى الثقافي والتاريخي لمنطقة زاوية الشيخ، مؤكدة على ضرورة مواصلة الجهود لصون هذا الموروث الثمين للأجيال القادمة.

