تطبيق القانون في مهب الريح .. الطريق 2118 نموذجًا
تطبيق القانون في مهب الريح .. الطريق 2118 نموذجًا
في مفترقات الطرق، حيث يفترض أن تكون العدالة نبراسًا ساطعًا، وحيث يتعين على القوانين أن تسير جنبًا إلى جنب مع النزاهة المطلقة، تتكشف لنا مشاهد مؤلمة تسقط الأقنعة الزائفة، وتفضح حقيقة مرة: أن ما يُسطر في مدونات القانون قد لا يجد طريقه للتطبيق الأمثل على أرض الواقع.
فبينما تلزم المادة 194 من مدونة السير عون الضابطة القضائية محرر المحضر بإيقاف المركبة المخالفة، والتحقق بدقة من مستندات السائق، ومراقبة الحالة التقنية للعربة عن كثب، واستخدام أجهزة القياس وفقًا للمعايير القانونية قبل الشروع في تحرير المحضر، يبقى السؤال معلقًا: كيف لنا أن نفهم المشهد العبثي الذي يتكرر في الطريق 2118 التابع لجماعة بوروس؟ هناك، ينتصب رجل الدرك في نقطة نائية لمراقبة السرعة، بينما زميله المكلف بمهمة تحرير المحاضر يرابط على بعد يقارب الأربعة كيلومترات!
ألم يصبح القانون في نظر البعض مجرد نصوص جوفاء تُستظهر عن ظهر قلب، لكنها تُهمل عمدًا عند التطبيق الفعلي؟ ألم يتحول دور بعض الهيئات المكلفة بإنفاذ القانون من السهر الأمين على رصد المخالفات بحيادٍ تام وشفافية مطلقة، إلى حلبة تدار وفق منطق غير قانوني، حيث يُختزل المواطن إلى مجرد رقم باهت في سجل الغرامات المتراكمة؟
إن جوهر العدالة يرفض رفضًا قاطعًا أن يُطبق القانون بانتقائية مزاجية أو باجتهادات شخصية معوجة، بل يستوجب التقيد الصارم بالإجراءات المنصوص عليها في النصوص القانونية، وذلك سدًا لأي ذريعة قد تفتح الباب واسعًا أمام تجاوزات سافرة تقوض ثقة الناس في المؤسسات الحامية للأمن الطرقي.
إن الطرق ليست مجرد مسالك تحدد فيها حدود السرعة، بل هي فضاء حي يعكس بجلاء مدى احترامنا للقانون، وعمق نزاهة تنفيذه. فهل سيظل الطريق 2118 شاهدًا صامتًا على هذه الممارسات المجحفة؟ أم أن صوت المسؤولية سيُرفع عاليًا ليُطرح الأمر على طاولة المساءلة الجادة بهدف تقويم الاعوجاج؟
إن الرقابة الحقيقية لا تكمن في التعداد الكمي للمخالفات المحررة، بل في تأسيس عدالة راسخة تجعل الجميع أمام ميزان واحد لا يميل ولا يحابي، بعيدًا عن أي انحراف أو استغلال أو تجاوز للسلطة.