هل تنهي مقترحات فيدرالية اليسار هيمنة المال والنفوذ على الانتخابات؟
الرباط، المغرب – قدم حزب فيدرالية اليسار الديمقراطي مذكرة تفصيلية تطالب بإصلاحات جوهرية في الإطار القانوني والسياسي المنظم للانتخابات التشريعية لعام 2026. المذكرة، التي تستند إلى مرجعيات كونية ووطنية، تشخص الاختلالات التي شابت الانتخابات السابقة، وخاصة انتخابات 2021، وتقدم مقترحات لتعزيز الثقة في المؤسسات الديمقراطية.
فساد، تدخل إداري، وضعف المشاركة
يرى الحزب أن المشهد السياسي في المغرب يشهد “انحباساً سياسياً واحتفاناً اجتماعياً” بسبب تدهور الحريات، وتفشي الفساد، وهيمنة النفوذ المالي والريعي على العملية الانتخابية. وتبرز المذكرة مجموعة من الاختلالات التي تهدد مصداقية الانتخابات، وعلى رأسها:
- شراء الأصوات وتدخل الإدارة: رصد الحزب ظاهرة شراء الأصوات على نطاق واسع وتدخل أعوان الإدارة، وهو ما أدى إلى نتائج مشكوك فيها وأضعف ثقة المواطنين في المؤسسات المنتخبة.
- ضعف التسجيل في اللوائح الانتخابية: تشير المذكرة إلى وجود فجوة كبيرة بين عدد المواطنين في سن التصويت وعدد المسجلين فعليًا، حيث لم يقم حوالي 7.5 مليون مغربي بالتسجيل في قوائم 2021.
- نمط الاقتراع: رغم اعتماد نمط الاقتراع باللائحة النسبية منذ عام 2002، إلا أن المذكرة تؤكد أنه لم يحقق أهدافه المرجوة بسبب صغر حجم الدوائر الانتخابية، مما أبقى النفوذ الشخصي والقبلي مهيمنًا على حساب التنافس السياسي والبرامجي بين الأحزاب.
من الهيئة المستقلة إلى الدائرة الوطنية الواحدة
لمواجهة هذه التحديات، يقدم الحزب سلسلة من المقترحات التي تهدف إلى بناء نظام انتخابي أكثر شفافية وإنصافًا:
- هيئة مستقلة للإشراف على الانتخابات: تعتبر هذه النقطة من أبرز مقترحات المذكرة، حيث يطالب الحزب بإنشاء هيئة وطنية مستقلة للإشراف على الانتخابات، تتولى إعدادها وتنظيمها والبت في منازعاتها، بهدف تحييد دور وزارة الداخلية الذي وصفه الحزب بأنه “غير محايد” تاريخيًا.
- إصلاحات قضائية: يقترح الحزب إعادة تحديد اختصاصات القضاء في المسار الانتخابي. بحيث تختص المحكمة الدستورية بالبت في الطعون المتعلقة بنتائج الاقتراع. بينما تُوكل مهمة البت في المنازعات المتعلقة باللوائح الانتخابية، والترشيحات، وتعيين ممثلي المرشحين إلى القضاء الإداري. أما القضايا المتعلقة بالجرائم الانتخابية، فيقترح الحزب إسنادها إلى القضاء العادي.
- تعديل الدوائر الانتخابية: من أجل تعزيز التمثيل السياسي والبرامجي، يقترح الحزب اعتماد دائرة انتخابية وطنية واحدة، أو كحل بديل، 12 دائرة انتخابية على الصعيد الوطني.
- تمويل الحملات الانتخابية: لتشجيع الحيوية الحزبية، يقترح الحزب تخصيص 60% من التمويل بناء على النتائج الانتخابية، و40% المتبقية بناء على معايير موضوعية أخرى مثل عدد أنشطة الحزب، ووجود تنظيم نسائي وشبابي فعال.
- زيادة فترة الحملة الانتخابية: لتمكين الأحزاب من التواصل الفعال مع الناخبين، يقترح الحزب تمديد الفترة الزمنية للحملة الانتخابية إلى 21 يومًا.
تؤكد المذكرة أن هذه المقترحات ضرورية لإعادة بناء الثقة بين المواطن والمؤسسات، وتحصين الوحدة الترابية للمملكة، وتأسيس “عقد اجتماعي” جديد يقوم على التمثيلية الحقيقية والعدالة المجالية. ويؤمن الحزب بأن الإصلاح الانتخابي هو المدخل الحقيقي لبناء دولة ديمقراطية حديثة، تضع المواطن في صلب أولوياتها.

