تخريب ممنهج لتاريخ وبيئة إفران .. معلمة تيفرخست في خطر الاندثار
كلميم – تعيش جماعة إفران الأطلس الصغير بإقليم كلميم حالة من الاستياء والقلق المتزايدين، وذلك على خلفية استئناف أشغال مقلع للرخام يهدد بشكل مباشر معلمة تيفرخست التاريخية، ذات الأهمية الثقافية والإيكولوجية البالغة للمنطقة. هذه المعلمة، التي تحتضن بين جنباتها تاريخًا عريقًا وتمثل مكونًا حيويًا ضمن النظام البيئي الهش لواحة إفران، باتت اليوم في مرمى التدهور والتخريب بفعل أنشطة شركة تستغل مقلعًا مجاورًا لاستخراج الرخام.
الأصوات القادمة من دواوير تڭنيت والحوست المتاخمة للموقع تنقل صورة قاتمة عن واقع بيئي وصحي متدهور. الغبار الكثيف المتصاعد جراء عمليات تقطيع الصخور والحفر المتواصل يخنق سماء المنطقة، محذرًا من تفاقم الأمراض التنفسية بين السكان، وخاصة الفئات الهشة كالأطفال وكبار السن. ولم تسلم الطبيعة الخضراء المحيطة بالمعلمة من هذا التلوث، حيث تشير المعاينات الميدانية إلى تضرر الغطاء النباتي بشكل ملحوظ.

ولم يتوقف الأمر عند التلوث الهوائي، فالضجيج المستمر الناتج عن حركة الآليات الثقيلة لساعات طويلة يحول حياة السكان إلى كابوس يومي، مهددًا السكينة العامة والاستقرار الاجتماعي الهش في ظل موجة الهجرة التي تعرفها المنطقة.
شباب الحركة الإيكولوجية بإفران دقوا ناقوس الخطر، مؤكدين على الحاجة الملحة لتبني نموذج تنموي بديل يرتكز على مبادئ العدالة والاستدامة البيئية، ويراعي الخصوصيات الفريدة لواحات الجنوب المغربي. وطالبوا بضرورة إشراك السكان المحليين وفعاليات المجتمع المدني في أي قرار يتعلق بمستقبل هذه المعلمة، محذرين من تغليب منطق الربح السريع على حساب حاضر الواحة ومستقبل أجيالها القادمة.
الساكنة المحلية، مدعومة بالجمعيات والفاعلين في المنطقة، وجهت نداء استغاثة عاجلًا إلى الجهات المختصة للتدخل الفوري لوقف هذه الأشغال التخريبية التي تمثل تهديدًا حقيقيًا لتراثهم الطبيعي والثقافي. كما طالبوا بإجراء دراسة أثر بيئي شاملة لتقييم الأضرار المحتملة، وإدماج البعد البيئي كأولوية في مخططات التنمية المحلية.

إن الحفاظ على معلمة تيفرخست ليس مجرد واجب لحماية شاهد على الماضي العريق، بل هو أيضًا استثمار في مستقبل مستدام وصحي لأبناء إفران الأطلس الصغير. فهل ستصغي الجهات المعنية لهذه الصرخات قبل أن يطمس غبار المقلع تاريخًا وبيئة لا تقدر بثمن؟ يبقى السؤال معلقًا في انتظار تدخل عاجل وحاسم.

