صحيفة إلكترونية مغربية عامة

هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون؟

0

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون؟

بقلم: العتوبي عبدالاله “باحث بعلم الاجتماع :سوسيولوجيا الهامش والحياة اليومية”

“قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون؟”، سؤال قرآني يتجاوز سياقه الديني ليطرح علينا، نحن المغاربة، سؤالاً وجودياً حول مصيرنا كمجتمع تتقاذفه الأهواء والأجندات والتدخلات، ويتفكك تحت وطأة التباين الطبقي، والانحلال القيمي، والانقياد الأعمى لما يُصدّر إلينا من “حداثة” هجينة.

في مغرب اليوم، تبدو قاعدة المجتمع – تلك التي تسكن الهامش وتحلم بالكرامة – غارقة في جهل ممنهج، جهل لا يتعلق فقط بالمعرفة الأكاديمية، بل جهل بالمخططات التي تُحاك في الخفاء لإضعاف جبهتنا الداخلية، ولضرب كل ما تبقى من تماسكنا الرمزي والثقافي والديني.

نُصدّق وهم الانفتاح بينما تُفرض علينا قوانين لا تُراعي خصوصيتنا الحضارية، قوانين تُمجّد الفردانية، وتُفتّت ما تبقى من الأسرة، وتنزع عن الدين معناه العميق لصالح قراءات سطحية أو مشوهة. تحت ذريعة حقوق الإنسان، تمّ قلب الهرم الاجتماعي، وأصبح الفقيه شيطاناً، والأستاذ بليداً، ورجل الأمن جلاداً، وكل من يحمل قيماً يُنظر إليه بعين الشك والسخرية.

الآلة الدعائية تعمل بلا هوادة: تفضح، تهوّل، وتختلق فضائح لتشويه كل رمز يمكن أن يشكّل قدوة. وبينما تنهار صورة المؤسسات تباعاً، يُروَّج لنجوم مزيفين لا يتعدّى عمرهم عمر “ريل” أو “ستوريات” إنستغرام. يُربط النجاح بالمال السريع، والجسد الممشوق، والسيارة الفارهة. وتُزرع في نفوس الفقراء بذور الحقد واللاجدوى.

فماذا بعد سقوط القدوات؟
ينشأ جيل تائه، بلا بوصلة، يعيش في هشاشة نفسية واجتماعية، وقد يتحوّل بسهولة إلى مجرم ناعم أو وحش كامن، يثور عند أول فرصة. هذا العنف الذي نشهده اليوم ليس صدفة، بل نتيجة منطقية لسنوات من التراكمات والإهمال والتضليل.

نحن اليوم لا نعيش فقط أزمة اقتصادية أو سياسية، بل نعيش كارثة اجتماعية حقيقية تستدعي إعلان “حالة طوارئ أخلاقية وثقافية”، وإعادة الاعتبار لقيم الجماعة، للأسرة، للدين المعتدل، وللوطنية الصادقة.
إنه من الضروري تطهير مؤسسات الدولة من الفساد والولاءات الخارجية، لا لتُصبح ديكتاتورية عسكرية، بل لتُستعاد لها هيبتها ووظيفتها في خدمة المجتمع، لا في استغلاله أو التنمر عليه.

قد يُقال إن هذا الخطاب راديكالي أو عاطفي، لكن في لحظة الغرق لا وقت للمجاملات. فالأسئلة التي نطرحها اليوم ليست ترفاً فكرياً، بل نذير خطر. وإذا سقطت آخر القلاع، فإننا جميعاً سنكون شركاء في الخطيئة، لا ضحاياها فقط.

فهل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون؟
بلى، لا يستوون

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

اعلان اشهاري
قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.