صحيفة إلكترونية مغربية عامة

ارتياح حذر وسط الجالية المغربية بعد الانتخابات التشريعية في ألمانيا

0

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

ألقت التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها ألمانيا، القوة الاقتصادية الكبرى في أوروبا، بظلالها على المشهد السياسي، حيث شهدت الانتخابات التشريعية الأخيرة صعودًا لافتًا لحزب “البديل من أجل ألمانيا” اليميني المتطرف، الذي حقق نتائج إيجابية متوقعة. ويعود هذا التقدم إلى عدة عوامل، أبرزها الأوضاع الاقتصادية المتدهورة والسياسات المتبعة في مجال الهجرة، والتي أصبحت محورًا رئيسيًا للجدل السياسي في ألمانيا وأوروبا عمومًا.

لقد أثرت موجات اللجوء، خصوصًا من سوريا وأوكرانيا، على المزاج العام في البلاد، حيث باتت الهجرة موضوعًا حساسًا يُستغل في الخطاب السياسي، مما أدى إلى تنامي مشاعر القلق والتوجس لدى المواطنين الألمان. وأصبحت الهجرة شماعة تُعلق عليها إخفاقات بعض الحكومات، مما عزز الخطاب الشعبوي وكراهية الأجانب.

كانت ألمانيا لعقود مضت ثاني أكبر قوة اقتصادية عالميًا والأولى أوروبيًا، لكنها شهدت في السنوات الأخيرة تراجعًا ملحوظًا في أدائها الاقتصادي. فقد كشفت الأرقام الرسمية عن انكماش اقتصادي للعام الثاني على التوالي، حيث سجل الناتج المحلي الإجمالي انخفاضًا بنسبة 0.2% في عام 2024، بعد تراجع بنسبة 0.3% في عام 2023، وفقًا لوكالة الإحصاءات الفدرالية (ديستاتيس). ويبدو أن التعافي الاقتصادي لا يزال بطيئًا، وسط توقعات غير مؤكدة بتحسن الأوضاع في الأشهر المقبلة.

في ظل هذه التحديات، أجريت الانتخابات التشريعية المبكرة يوم الأحد 23 فبراير 2025، وأسفرت عن فوز الاتحاد الديمقراطي المسيحي والاتحاد الاجتماعي المسيحي بـ208 مقاعد، مما يجعلهما في موقع قوة لتشكيل الحكومة الجديدة. في المقابل، جاء حزب “البديل من أجل ألمانيا” في المرتبة الثانية، ما يعكس صعود تيارات اليمين المتطرف.

بالنسبة للجالية المغربية في ألمانيا، أثارت هذه التحولات السياسية مخاوف من تأثيرات سلبية على أوضاع المهاجرين، خاصة أن حزب “البديل” معروف بمواقفه المتشددة تجاه الأجانب، وخصوصًا المسلمين. ورغم هذه المخاوف، يبقى أفراد الجالية المغربية فاعلين في المجتمع الألماني، حيث لعبوا أدوارًا محورية في بناء الاقتصاد الألماني منذ ستينيات القرن الماضي، ولا تزال أجيالهم الشابة تحقق نجاحات في مختلف القطاعات الحيوية.

علي السعماري

قبل الانتخابات، سادت حالة من التوجس بين أفراد الجالية المغربية، خوفًا من تقدم الأحزاب اليمينية المتطرفة، ما دفعهم إلى تكثيف جهودهم للمشاركة الفعالة في العملية الانتخابية. وحرصت الجمعيات المغربية في ألمانيا على تنظيم حملات توعوية لحث أفراد الجالية، وخاصة الشباب، على التصويت والتأثير في النتائج بما يخدم مصالحهم.

وقد أظهرت النتائج أن التعبئة الواسعة للجاليات الأجنبية، وعلى رأسها الجالية المغربية، كان لها دور في تقليص نفوذ التيارات المتطرفة، وإبراز قوة المهاجرين كعنصر أساسي في المجتمع الألماني. كما أن المشاركة السياسية للمغاربة تعززت، حيث أصبحوا أكثر انخراطًا في تدبير الشأن العام، مما يفتح المجال أمام الكفاءات المغربية للوصول إلى مناصب عليا في مختلف المؤسسات، كما هو الحال في العديد من الدول الأوروبية الأخرى.

لطالما لعبت الجمعيات المغربية في ألمانيا دورًا بارزًا في تأطير وتوجيه الجالية، من خلال تعزيز المشاركة السياسية، والتعبئة لحماية الحقوق، وتعزيز الاندماج داخل المجتمع الألماني. ويؤكد ممثلو هذه الجمعيات أن العمل مستمر لضمان اندماج قوي للجالية المغربية، ومواصلة التأثير في القرارات السياسية، بما يحقق مصالحهم ويعزز مكانتهم في البلاد.

علي السعماري
أستاذ وباحث في شؤون الهجرة والثقافة
رئيس المجلس الفيدرالي الديمقراطي المغربي الألماني

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

error: Content is protected !!