الإدارة الرياضية بالمغرب: إدارة المسابقات الرياضية
ليست الإدارة الرياضية مجرد مصطلح تقني أو فني أو قانوني متداول في الخطاب الإعلامي و في أدبيات علوم الرياضة والتربية البدنية،بل هو فن وممارسة ومهارة وخبرة و إحاطة بجميع فروع العلوم الإجتماعية والإقتصادية و الإنسانية و الحقة…
لكل هذه الأسباب يشترط في من يريد التخصص في هذا الحقل العلمي أن يكون عارفا بأساسيات كل هذه الفروع المعرفية مع ضرورة الإلمام بتفاصيل علم الإدارة ،و كذا علوم التربية البدنية والرياضية،حتى يتسنى له القيام بدوره كما يجب سواء أكان منظم للتظاهرات الرياضية أو واصفا رياضيا أو معلقا رياضيا أو صحفيا رياضيا أو ناقدا رياضيا أو حكم أو ممارس أو مدرب أو محامي متخصص في القانون الرياضي أو أستاذ التربية البدنية…فكل هؤلاء معنيون بالدرجة الأولى بإلزامية ضبط كل ما يتعلق بخبايا علم الإدارة الرياضية،كيما يقعوا في أخطاء جسيمة تؤثر بالسلب على مردوديتهم الوظيفية وتحول دون قيامهم بمسؤولياتهم كما يجب وأداء رسالتهم كما يستوجب الأمر،وينقسم علم الإدارة الرياضية إلى فرعين أو قسمين؛القسم الأول: يعالج إدارة المباريات الرياضية، والقسم الثاني: يقارب إدارة المؤسسات الرياضية الفاعلة في القطاع الرياضي بغض النظر عن صفتها ( مؤسسات خصوصية: جمعيات،نوادي أو مؤسسات عمومية:إتحادات أهلية،عصب جهوية…)
سنقتصر في هذه المقالة على معالجة موضوع الإدارة الرياضية في شقها المتعلق؛بإدارة وتدبير المسابقات الرياضية،فعدم إدراك المنظم لأساسيات هذا الشق يفرز تنظيما فاشلا للبطولات،وعدم إدراك الممارس لهذا الشق يعرضه للظلم والجور وتضيع حقوقه هباءا،وقلة معرفة الصحفي بمبادئ هذا القسم يجعل تغطيته للمسابقات الرياضية يعتريه جانب من النقص،مما يحد من فعالية الرسالة الإعلامية التي يعمل على صياغتها ونشرها وبثها وإذاعتها،وقس على ذلك…
سنلامس في هذه الورقة مسألة إدارة المنافسات الرياضية لا على صعيد الإدارة الخارجية للبطولات الرياضية،ولا على صعيد الإدارة الداخلية للبطولات الرياضية،ثم بعد ذلك سنقف عند واقع إدارة المسابقات الرياضية بالمغرب .
أولا: إدارة البطولات الرياضية:
إن إجراء أي مسابقة رياضية كيفما كانت طبيعتها وخصوصياتها ( وطنية،جهوية،دولية،قارية…)،( تغطي رياضة جماعية أو فردية)،يقتضي وضع مجموعة من الترتيبات التي تسبق البطولة وهو ما نطلق عليه الإدارة الخارجية للمسابقات الرياضية،وبعد الإنتهاء من هذا الجزء لابد من الإنتقال إلى ما يسمى بالإدارة الداخلية للبطولات الرياضية والتي عبرها يتم تحديد المباريات و جدول المنافسات.
1-1- الإدارة الخارجية للمنافسات الرياضية:
تستلزم الإدارة الخارجية للمنافسات والمسابقات والبطولات الرياضية تضافر مجهودات مجموعة من اللجان و الأجهزة التنظيمية التي تعمل بشكل متناغم ومتناسق مبني على التوافق والإنسجام،وكأننا بصدد فريق يتضمن مجموعة من الخبراء يختص كل واحد منهم في حقل معين يعملون تحت إمرة شخص واحد يدعى مدير البطولة أو المشرف العام على المسابقة،بهدف الوصول على إقامة تظاهرة رياضية عالية المستوى ومحكمة من حيث التنظيم.
ولذلك يبقى إستحضار دور اللجان التنظيمية و تعيينها من الأمور الضرورية لإنجاح أي ملتقى رياضي مهما كان حجمه ووزنه في الخريطة الرياضية.
فماهي اللجان التي تسهر على حسن تنظيم التظاهرات والملتقيات الرياضية؟
تساهم العديد من اللجان أو الأجهزة في حسن سير البطولات والمسابقات الرياضية ولعل من أبرزها نجد:
× سكريتارية البطولة أو لجنة الكتابة العامة للمسابقة:تتكلف هذه اللجنة بتسجيل المشاركين في التظاهرة والتحقق من معلوماتهم الشخصية والتدقيق من ما مدى أهليتهم لخوض المنافسات عبر التحقق من ملفهم الصحي وضبط الوزن المسجلين فيه إذا كان الامر يتعلق بمنافسات قتالية أو التحقق من أعمار المشاركين إذا تعلق الأمر بمسابقة تغطي رياضة جماعية لضمان منافسة نزيهة بين جميع المرشحين،ثم بعد ذلك تقوم بجرد قوائم المشاركين وتوزيعهم حسب الأوزان أو الفئات أو الأعمار وتكون هذه القوائم نهائية لايمكن تعديلها أو إضافة أسماء إليها،بعد ذلك يتم إجراء عملية سحب القرعة لتحديد المباريات حسب الأصناف الرياضية المدرجة وكذا الفئات أو الأعمار،ويكون السحب إما عشوائيا أو موجها أو نصف موجه والنصف الآخر عشوائي وغالبا ما يتكفل الحاسوب بإجراء السحب وتحديد المباريات وجدولتها بناءا على برمجة معينة ومضبوطة،وقبل إجراء القرعة يجري تحديد النظام الذي سيتبع في إدارة المباريات وهذا ما سنقف عنده بإسهاب لاحقا.
كما أن هذه اللجنة تقوم بإعداد كتيب أو دليل يسمى ” دليل البطولة” يحتوي على معلومات تعرف بالبطولة وبالفرق المشاركة وأهداف البطولة وبرمجة المباريات…بهدف إطلاع الجمهور على كل ما يحيط بالبطولة وكذا التسويق الأمثل للنوع الرياضي الذي تستهدفه بالبطولة بغرض توسيع قاعدة ممارسيه مستقبلا.
× لجنة الإستقبال والتوجيه: يسند إلى هذه اللجنة أمر تنظيم ولوج اللاعبين إلى الملعب أو الصالة الرياضية وتوجيههم إلى الركن المخصص لهم في هذه الفضاءات وأيضا إرشادهم ومرافقتهم نحو صالة الإحماء إبان تحضيرهم للمباريات خاصة إذا كان موضوع البطولة يرتبط بإحدى الفنون القتالية،وكذلك مصاحبة الأبطال نحو منصة التتويج أثناء توشيح الفائزين في البطولة.
× لجنة المالية والميزانية: تتكفل هذه الأخيرة بإستخلاص واجبات ورسوم المشاركة من المتسابقين وتضع أثمنة مناسبة للتذاكر بغاية تشجيع الجمهور على الإقبال على القاعة من أجل مساندة فرقهم،كما أنها تؤمن عملية كراء او إستئجار مكان إقامة البطولة و توفر السيولة المالية اللازمة لسداد مستحقات باقي اللجان الأخرى بتنسيق مع المدير العام للتظاهرة وكذا الإتحاد المنظم للحدث.
× لجنة التحكيم: يسند إليها أمر إدارة مباريات البطولة وتحكيمها وتتألف هذه اللجنة من حكام رئيسين ومناديب ومراقبين ومساعدي حكام وحكام الفيديو يسهرون على حسن سير المباريات ويحكمون ويقيمون أداء المشاركين حسب ما تمليه القوانين الخاصة بالنوع الرياضي الذي يتنافس حوله المشاركون المعنيون بالبطولة.
× لجنة الحراسة و الأمن: تتولى هذه اللجنة عملية تأمين البطولة وحراستها والسهر على أمن وسلامة المشاركين للحيولة دون السطو على ممتلكات الوفود المشاركة وكذا تفادي إلحاق الأذى بهم من قبل بعض المنتسبين إلى الجمهور ومنع مظاهر التسيب وذلك بواسطة تشديد الحراسة على جنبات الصالة لكي لا يقفز أحد الجماهير وسط القاعة أو لتفادي اقتحام الجمهور للقاعة عقب نهاية المباراة أو البطولة،ومراقبة وتفتيش الوافدين نحو القاعةأو الملعب وتوقيف كل من يحمل الممنوعات و الأدوات الحادة من خراطيش وسكاكين وسيوف وشفرات الحلاقة…ومنع ولولوج القاصرين للقاعة أو الملعب من دون مرافقين راشدين.
× لجنة الإسعاف والتطبيب: تسهر هذه اللجنة على تقديم الخدمات الطبية للمصابين من جراء الإحتكاك البدني الذي تشهده بعض الأنواع الرياضية مما ينجم عنه إصابات متفاوتة الخطورة مما يستدعي إلزامية التدخل السريع للطبيب للقيام بالإسعافات الأولية الضرورية وإذا وقعت حالة كسر أو إغماء ناتج عن الضربة القاضية أو إرتطام رأس اللاعب بالأرض أو بينه وبين أحد زملائه في الفريق يتم نقل المصاب على وجه السرعة صوب المستشفى لتلقي العلاجات اللازمة،وغالبا ما تتشكل هذه اللجنة من ممرض وطبيب مختص في الطب الرياضي و مختص في الإسعاف.
× لجنة الطبخ و الطهي: تقوم هذه اللجنة بتحضير الطعام والأكل للوفود المشاركة في التظاهرة الرياضية وغالبا ما يتم الإستعانة بمموني الحفلات والمناسبات للإشراف على هذه المهمة،وذلك لتجنب وقوع حالات تسمم ناتجة عن تناول أطعمة فاسدة يتم إقتناؤها من المحلات المجاورة للقاعة أو المركب الرياضي،ويراعى في تحضير الوجبات للرياضيين شروط النظافة و الجودة و التنوع و التركيز عن كل ما هو طبيعي،حتى يستفيد المشاركون من سعرات حرارية كافية وبروتينات تعينهم على تقديم مستويات مميزة أثناء المنافسات.
× لجنة التواصل والإعلام والعلاقات العامة: تعمل هذه اللجنة على تزويد وسائل الإعلام الساهرة على تغطية الملتقى الرياضي بالمعلومات والأخبار والأرقام المرتبطة بهذا الأخير؛كعدد المشاركين و النتائج المؤقتة والنهائية للملتقى وتوزيع المباريات والبرمجة الزمنية المحينة بإستمرار للبطولة و مجموع الميداليات الموزعة فيها ومجموع الجوائز المالية المرصودة للحدث…كما أنها تعمل على الدعاية والإشهار والترويج للبطولة عبر مختلف الوسائل الممكنة والمتاحة بهدف إستقطاب عدد أكبر من الجماهير و المشاركين وتساهم كذلك في التعريف بنوع النشاط الرياضي الذي تؤطره البطولة والغاية كسب ثقة الجمهور ورضاه وإحترامه وحثه على الإنضباط لضمان نجاح البطولة تنظيميا.
× اللجنة التقنية: لها مهام متعددة داخل القاعة أو المركب فهي تشرف على تنظيف القاعة وتحضيرها لإستقبال الحدث وتعمل على إعداد أرضية التنافس و إعادة تسطير خطوط القاعة بلون بارز وصيانة الأضواء والتحقق من سلامتها وإستبدال المتهالكة منها وتهييء منصة تتويج الأبطال الفائزين،وتغطية القاعة بالشاشات والحواسيب المساعدة على إدارة مباريات البطولة .
× مدير التظاهرة أو المشرف العام على المسابقة:يشرف على مراقبة البطولة وسير المباريات و ينسق بين مختلف اللجان ويعقد ندوات دورية لوسائل الإعلام للإجابة عن استفساراتهم و يقوم بمعالجة تظلمات المتسابقين ويتدخل شخصيا في حالة سوء معاملتهم أثناء المنافسات من قبل اللجان المنظمة.
1-2- الشروط الواجب مراعاتها قبل إقامة المنافسات الرياضية وفي خضمها:
أ- تحديد الفئة المستهدفة من البطولة؛فئة الكبار والشيوخ،فئة الشبان والشابات،فئة الفتيان والفتيات،فئة الصغار والصغيرات،فئة المعاقين…وتوزيع المشاركين حسب؛السن=مواليد 2006،2010،2012…أو حسب الأوزان= أقل من 20 كلغ،أقل من 25 كلغ،أقل من 30 كلغ…
ب- تحديد ثمن المشاركة في المسابقة: يراعى في تقدير ثمن المشاركة في البطولة القدرة الشرائية للمواطنين القاطنين في المنطقة التي تستضيف الحدث وباقي المجالات الجغرافية الأخرى إذا كانت تغطي هذه التظاهرة العديد من المناطق،بمعنى آخر يؤخد بعين الإعتبار المكانة الاقتصادية للفئة المستهدفة من الحدث الرياضي،وعلى هذا الأساس يبقى تحديد الثمن في 40 أو 30 أو 50 درهم أمرا أكثر تناسبا مع حيز جغرافي يعرف تباينا في الدخل اليومي مما يمكن من ضمان مشاركة واسعة للأبطال والممارسين في التظاهرة.
ت- تحديد مصادر تمويل التظاهرة:رسوم المشاركة المستخلصة من المشاركين في البطولة،الدعم المالي من قبل الرعاة و السلطات المحلية و النفقات المالية الموجهة لقطاع التسيير من طرف الجامعة أو الجمعية أو الإتحاد أو العصبة.
ث- تحديد الرعاة والمستشهريين: شركات تجارية مدارس خاصة،شركات رياضية…
ج- تحديد المنابر الإعلامية التي ستتكفل بتغطية الحدث: صحف محلية ووطنية وجهوية،إذاعات جهوية وطنية،محلية،وكالات أنباء وقنوات تلفزية محلية وطنية متخصصة،مواقع إلكترونية جهوية وطنية ومحلية…
ح- تحديد وسائل الدعاية والتسويق والترويج للمسابقة: إنشاء صفحات خاصة بالحدث عبر وسائل التواصل الإجتماعي المختلفة،الإعلان عن البطولة عبر الجرائد الورقية والمجلات و الدعاية لها عبر المواقع الإلكترونية المتخصصة وتعليق الملصقات الخاصة بالبطولة بالفضاءات العمومية ووضع لافتات دعائية في الشوارع والطرقات العامة،توزيع وريقات تعرف بالبطولة على المواطنين،إنتاج وصلات إشهارية وبثها عبر شاشات التيلفزيون…
خ- تحديد عدد المرافقين والطاقم التقني المصاحب لكل مشارك تجنبا للفوضى والارتباك الذي يمكن أن يقع أثناء المنافسات: ما بين 3 إلى 5 أفراد كحد أقصى.
د- تحديد العدد الإجمالي للحكام والمراقبين الداخليين الذين سيتكلفون بإدارة مباريات البطولة؛20 حكم و 10 مراقبين أو 30 حكم و 20 مراقب…وتوزيعهم حسب عدد البسط المتواجدة في القاعة إذا تعلق الأمر ببطولة في إحدى الفنون القتالية أو وفق برمجة محددة إذا تعلق الأمر برياضة جماعية.
س- توفير العدد الكافي من الحراس الشخصيين معززين بالقوات العمومية لضمان حراسة البطولة وتأمينها من الإنزلاقات التي يمكن أن تطرأ في أي لحظة.
ش- تأمين البطولة عن طريق التعاقد مع شركة متخصصة في التأمينات الصحية للحيلولة دون وقوع أخطاء فنية ممكن أن تترتب عليها وفايات أو عاهات مستديمة في صفوف الجمهور أو المشاركين؛كسقوط سقف القاعة أو إنذلاع حريق بشكل فجائي…
ر- تحديد زمن وتوقيت ومكان البطولة: تعيين اليوم والساعة والشهر والسنة وكذلك مدة البطولة= 4 أيام أو 7 أيام أو يومين أو يوم،وكذلك تعيين مكان البطولة: مؤسسة تربوية،مقر نادي،ساحة عمومية،حديقة،قاعة مغطاة،مؤسسة سجنية…ويستحب أن تكون البطولة متزامنة مع احتفال الوطن بعيد وطني أو ديني معين،كذكرى تقديم عريضة الإستقلال مثلا.
م- إعداد دليل أو كتيب للبطولة يوضع رهن إشارة الجمهور والمشاركين على حد سواء.
ه- تحديد أهداف البطولة بدقة:الإحتفال بذكرى معينة،خلق جو من الإحتكاك والتنافسية في صفوف الشباب،التنقيب عن المواهب،الترويح عن التلاميذ وبالتالي كسر روتين الأقسام الدراسية،محطة تأهيلية للبطولات الوطنية أو الدولية أو الجهوية…
ل- تحديد نوعية الجوائز والمكافآت المادية: ميداليات،شواهد،تذكارات،جوائز عينية،مكافآت مالية…
ن- القيام بأنشطة إجتماعية موازية للبطولة كزيارة جمعيات متخصصة في رعاية المسنين ودعمهم بالمعدات اللوجستيكية ودعمهم ماديا،أو توزيع لوازم الدراسة على أطفال القرى النائية أو إقتناء مبردات لإحدى الداخليات بالعالم القروي…
ز- تخصيص مسابقات وهدايا للجمهور للرفع من عدد زوار البطولة وذلك طوال أيام المنافسات.
ص- وضع جدولة زمنية مضبوطة للبطولة من يومها الأول إلى آخر يوم فيها أو من ساعتها الأولى إلى آخر ساعة فيها.
ض- تجهيز جنبات القاعة أو الملعب بشاشات عملاقة تنقل ما يقع في الداخل وجعلها في متناول الجمهور الذي تعذر عليه الولوج إلى القاعة أو الملعب نظرا لإستيفاء المقاعد المتاحة فيهما.
ط- إستغلال فترة البطولة بتنظيم ورشات وندوات لشرح قانون الرياضة موضوع البطولة والتعريف بها لدى الرأي العام بهدف تشجيع الشباب على الإنخراط بكثافة في النوادي والجمعيات المتخصصة في النوع الرياضي المذكور من أجل توسيع قاعدة الممارسين للعبة وبالتالي توفير قاعدة تنقيب واختيار كبيرة مستقبلا.
ق- تحقيقا لقانونية المسابقة ولتحاشي المتابعات القضائية يتوجب على الجهة المنظمة للتظاهرة الحصول على التراخيص القانونية اللازمة من طرف السلطات المحلية.
1-3- الإدارة الداخلية للمسابقات والبطولات الرياضية:
قبيل الشروع في التعمق قليلا في الأنظمة المشهورة التي تتبع في إدارة المباريات لابد من الوقوف أولا عند أنواع السحب أو القرعة التي تعتبر آلية لتحديد المباريات،وتتوزع القرعة إلى:
– القرعة الموجهة: يروم هذا النوع من السحب على توطين مسبق للبطل والوصيف في خانات محددة داخل الخطاطة التنظيمية للبطولة وسنقتصر على ذكر بطولة تقام بنظام خروج المغلوب من مرة واحدة وغالبا ما يتم موضعة المشاركين في ترسيمة البطولة بناء على النتائج المحققة في النسخة السابقة للبطولة،وإذا كنا بصدد بطولة مكونة من ثمانية مشاركين نوطن بطل النسخة الماضية في الخانة رقم 1 و نضع الوصيف في الخانة رقم 5 لنتفادى تلاقي البطل والوصيف في الأدوار الأولى من المسابقة،بمعنى يبقى أمر حصول مواجهة بينهما مستبعدا إلى حين وصولهما للدور النهائي،بعد موضعة البطل والوصيف نتمم عملية السحب بشكل عشوائي لتحديد باقي المباريات.
– القرعة العشوائية: نوع من أنواع السحب ترتكز على عملية خلط الأوراق بشكل عشوائي وسحبها بطريقة عشوائية،يتم وضع أسماء المشاركين في علبة و أرقام الخانات الخاصة بالخارطة التنظيمية لمباريات البطولة في علبة منفصلة أخرى،وهكذا يسحب إسم من علبة الأسماء ورقم الخانة التي سيوضع فيها الإسم الذي تم سحبه من علبة الأرقام بهذه الطريقة تحدد المباريات ودائما وفق بطولة تقام بطريقة خروج المغلوب من مرة واحدة.
– قرعة نصف موجهة ونصف عشوائية: هي قرعة تزاوج بين الطريقتين المومأ إليهما سابقا.
بعدما توقفنا بإسهاب عند أنواع السحب وكيفية إجرائها،نعرج الآن على أنواع الأنظمة التي تتبع في تدبير مباريات البطولات والمسابقات الرياضية،وسنكتفي بذكر الأنظمة التالية على إعتبار أنها الأكثر توظيفا من قبل غالبية المنظمين في العالم:
1- نظام خروج المغلوب من مرة،يقضي هذا النظام بإستبعاد الفرق الخاسرة من البطولة بمجرد هزيمتها،إنطلاقا من الدور الأول حتى الدور النهائي ومنح بطاقة المرور للفرق الفائزة،فإذا تقابل الفريق (أ) مع الفريق (ب) في الدور الأول وفاز الفريق (ب) يعرض الفريق (أ) للإقصاء المباشر من البطولة ويتأهل الفريق (ب) للدور الموالي وهكذا دواليك.
يمكن أن تكون هناك إمكانية برمجة مباريات للتعويض أو الترضية أو الإستدراك من اجل اللعب على الرتبة الثالثة والثالثة مناصفة للذين تم إقصاؤهم من الأدوار الأولى وكذا للذين خسروا في محطة النصف النهائي،إلا أن ذلك مشروط بتعرضهم للخسارة من قبل صاحب المركز الأول وصاحب المركز الثاني في البطولة أو إن صح التعبير أن يكونوا قد خسروا أمام طرفي المباراة النهائية في إحدى الأودار الاقصائية الأولى ( الدور 16،ربع النهائي،النصف النهائي…)
2- نظام خروج المغلوب من مرتين:يشترط في هذا النظام من إدارة المباريات عدم إستبعاد المشارك من المسابقة إلا بعد تلقيه لخسارتين،وبالتالي خسارة المتباري في الوهلة الأولى لا تعني خروجه التلقائي من البطولة بل تعطى له فرصة للتعويض أخرى من أجل الوصول للمباراة النهائية والمنافسة على اللقب وتبقى هذه الطريقة ناجعة في البطولات التأهيلية التي تفرض تحديد البطل والوصيف فقط من دون النظر لأصحاب المراكز الثالث والثالث مناصفة.
3- نظام الدوري من مرحلة أو من عدة مراحل: يقضي هذا النظام بأن يلعب المتسابق مع كل المتسابقين المشاركين في البطولة فإذا كان عدد المشاركين في البطولة 6 فإن هذا الأخير سيكون ملزم بخوض 5 مباريات،ويتم ترتيب المتسابقين في هذا النظام بناء على نتائجهم في كل مباراة على حدة وعادة ما يتم الترميز لفقرات الدوري بمصطلح الجولات:الجولة الأولى،الجولة الثانية،الجولة الثالثة…يتم منح الفائز في الجولة عن كل مباراة 3 نقاط و الخاسر 0 نقطة و المتعادل نقطة واحدة وبعد الإنتهاء من جميع الجولات يجري ترتيب المشاركين حسب النقاط التي قاموا بجمعها وفي حالة التساوي ينظر في مجموع الأهداف أو العلامات التي سجلها اللاعب أو الفريق في كل مباراة على حدة،مثال:لنفترض أن اللاعب حسن حصد 6 نقاط في البطولة ونفس الرصيد حققه مراد،في هذه الحالة نلجأ إلى مجموع العلامات المحققة في مباريات كل من حسن ومراد فوجدنا ان مجموع علامات مراد 34 نقطة بينما مجموع علامات حسن 30 نقطة،وعليه يكون مراد هو البطل و حسن هو الوصيف في البطولة.
وقد تكون البطولة موزعة على مرحلتين وفق منطق هذا النظام ففي حالة مشاركة 16 فريقا،يتم تقسيم الفرق المشاركة إلى 4 مجموعات،تضم كل مجموعة 4 فرق يتأهل الأول والثاني من كل مجموعة للمرحلة الثانية فيتشكل هذا الدور من 8 فرق يتم توزيعهم على مجموعتين تضم كل مجموعة 4 فرق،يتأهل الأول والثاني في كل مجموعة للمرحلة الثالثة والأخيرة والتي ستتكون من 4 فرق يتبارون في مجموعة واحدة لتحديد البطل والوصيف و صاحب المركزين الثالث والرابع.
4- نظام المزج أو الخلط:نظام هجين يجمع ما بين نظام الدوري ونظام خروج المغلوب من مرة واحدة،وفق هذا النظام تجرى منافسات الدور الأول بطريقة الدوري أي يتم توزيع المشاركين على مجموعات يتأهل الأول والثاني من كل مجموعة للدور الثاني والذي يعتبر دورا إقصائيا إذ تتبع فيه طريقة خروج المغلوب من مرة واحدة حيث لا مجال للتعويض في حالة الخسارة وتستمر المنافسة على هذه الشاكلة إلى حين تعيين البطل والوصيف وصاحب الصف الثالث خاصة إذا كنا بصدد بطولة تدرج في خانة الرياضات الجماعية.
5- النظام السويسري: طريقة في إدارة المباريات،تقضي بأن يتقابل المشارك مع كل المتبارين في البطولة في المرحلة الأولى تم بعد إستكمال البطولة بطريقة الإقصاء المباشر،فإذا كان عدد المشاركين في البطولة هو 8، فإن هؤلاء المنافسين يتقابلون فيما بينهم في المرحلة الأولى في مجموعة واحدة إذ يخوض كل متباري 7 مباريات،ويتم منح الفائز عن كل مباراة 3 نقاط والخاسر 0 نقطة والمتعادل يحصل على نقطة واحدة،وبعد انتهاء جولات المرحلة الأولى والتي يبلغ عددها 7 جولات يتم ترتيب المتسابقين حسب عدد العلامات التي حققوها من انتصار وفوز وخسارة ويتم تأهيل اصحاب المراكز الأربعة الاولى مباشرة للمرحلة الثانية من البطولة والتي تقام بنظام خروج المغلوب من مرة واحدة حيث يتقابل محتل الصف الاول في المرحلة الأولى مع محتل الصف الثالث عن ذات المرحلة ومحتل الصف الثاني يواجه محتل الصف الرابع في دور النصف النهائي،الفائز في هذه المرحلة يتأهل للعب الدور النهائي وبالتالي المنافسة على لقب البطولة في حين يخوض المنهزم مباراة الترتيب من أجل الحصول على المركز الثالث.
إدارة المسابقات الرياضية مجال تخصصي لايخلو قطر أو بلد إلا ووجد فيه اللهم إن كان ذلك البلد منعزلا على العالم ولا تقام فيه بطولات ولا مسابقات رياضية،والمغرب بدوره منخرط في دوامة تنظيم البطولات الرياضية سواء منها الوطنية أو التنشيطية أو القارية أو الدولية…فما طبيعة إدارة البطولات الرياضية بالمغرب لا على المستوى الداخلي وحتى الخارجي؟
ثانيا:إدارة المسابقات الرياضية بالمغرب:
عرفت السنوات الأخيرة تنظيم المغرب لمجموعة من التظاهرات والمحافل الرياضية سواء منها ذات طبيعة دولية ككأس العالم للأندية لكرة القدم أو ذات طبيعة قارية ككأس إفريقيا للسيدات لذات اللعبة وكأس إفريقيا للمنتخبات أقل من 23 سنة لكرة القدم أو مسابقات ذات طبيعة إقليمية كالبطولة العربية للأندية للسيدات فرع كرة السلة…
صحيح أن إقامة مثل هكذا تظاهرات تتداخل فيه مجموعة من الجهات( الإتحاد الدولي للعبة و الجامعة الملكية المغربية للعبة و الجماعات الترابية خاصة الجهات و وزارة الرياضة ووزارة الداخلية…) والغاية من ذلك ضمان نجاح الحدث وتسويق صورة ذهنية نموذجية عن المغرب لدى الرأي العام الرياضي الدولي.
لكن هذا لا يخفي الواقع المروع الذي تعرفه إدارة بعض البطولات والمسابقات الرياضية بالمغرب،لا على صعيد الإدارة الخارجية لهذه البطولات و لا على صعيد الإدارة الداخلية لها.
2-1- واقع الإدارة الخارجية للبطولات بالمغرب:
تتوزع البطولات التي تقام في المغرب والكلام هنا بالتحديد عن البطولات الداخلية أي ذات طبيعة ترابية تغطي فقط أبناء البلد إلى؛بطولات محلية وهي بطولات تغطي منطقة معينة فقط كإقامة بطولة لتلاميذ مدارس مدينة مراكش لتحديد من سيمثل هذه المدينة في البطولة الجهوية،وهناك بطولات جهوية تقام على صعيد الجهة أي أنها تشمل كل المناطق الممثلة لتراب الجهة،كالبطولة المدرسية الجهوية لجهة مراكش- آسفي،تقام هذه البطولة لتحديد الفريق الذي سيمثل الجهة بالبطولة الوطنية المدرسية،وتوجد كذلك البطولات الوطنية وهي البطولات التي تغطي كل جهات المملكة ويشارك فيها أبطال كل جهة على حدة أي أنها تتشكل من 12 مشارك هم أبطال جهات المملكة ال 12 يتنافسون فيما بينهم للتتويج بلقب البطولة الوطنية المدرسية وبالتالي تمثيل المغرب في البطولة العالمية المدرسية.
بعدما توقفنا قليلا عند هذه العتبة المفاهيمية سنعرج الآن عن واقع الإدارة الخارجية للبطولات بالمغرب.
بالرغم من التقدم المحرز على مستوى تنظيم بعض البطولات الوطنية في السنوات القليلة الماضية،إلا أننا نسجل أنها ما تزال تعاني من نواقص عدة لعل من جملتها:
– غياب المستشهرين أو الرعاة الحاضنين للبطولة.
– ضعف التسويق والدعاية للحدث بالشكل المطلوب.
– هزالة المكافآت والمنح المرصودة للأبطال المتوجين.
– غياب برمجة قبلية للمباريات ووضعها رهن إشارة المدربين والمشاركين.
– عدم إجراء القرعة بشكل علني وأمام أعين المشاركين ( خاصة في بطولات الفنون القتالية).
– غياب لجان للتنسيق و التواصل والعلاقات العامة عن هذه التظاهرات.
– ضعف التغطية الإعلامية لهذه النوعية من البطولات.
– حضور المحاباة والمحسوبية في هذه التظاهرات.
– تقام هذه البطولات من دون مراقبة لنوعية الأغذية التي يتناولها الحكام والمشاركون مما أفرز العديد من حالات التسمم تسببت في نقل العديد من هؤلاء نحو أقسام المستعجلات ومنهم من فارق الحياة.
– غالبية هذه البطولات تفتقر لمصلحة الكشف عن مدى تعاطي المشارك للمنشطات وللمواد المحظورة،خاصة بطولات كمال الأجسام وهذا ما يجعل نتائجها متسمة بالغش.
أما على مستوى البطولات الجهوية و المحلية والتنشيطية فحدث ولا حرج إذ تم رصد مجموعات من الاختلالات يمكن إجمالها في النقط التالية:
* غياب لجان تشرف على إدارة البطولة كسيكريتارية البطولة،ومدير البطولة،ولجنة الاستقبال و لجنة الإطعام و اللجنة المكلفة بالمالية و اللجنة المكلفة بالترتيبات التقنية و لجنة التنسيق و لجنة التواصل و العلاقات العامة و الإعلام.
* غياب مستشهرين ورعاة للحدث.
* تقام معظم البطولات التنشيطية خاصة التي تنظم بمقر الجمعيات الرياضية المتخصصة في الفنون القتالية بطريقة مخالفة للقانون لكونها تجرى من دون ترخيص قبلي مؤشر عليه من قبل السلطة المحلية الكائن بمجال نفوذها مقر الجمعية ولا من قبل العصبة الجهوية المنضوية تحت لوائها هذه الجمعيات.
* تقام معظم البطولات الجهوية من دون حضور لمراقب عام أو مدير للتظاهرة يسهر على حسن سيرها.
* لاتعرف هذه التظاهرة تغطيات إعلامية تذكر إلا القليل جدا وتكون في الغالب تغطيات لصفحات فيسبوكية متخصصة لا تسمن ولا تغني من جوع.
* ضعف الدعاية والتسويق والإشهار و الترويج للحدث قبل إقامته.
* عدم وضع برمجة قبلية للمباريات وجدول زمني للبطولة من بدايتها إلى نهايتها يوضع رهن اشارة الجمهور والمشاركين على حد سواء.
* لا يتلقى الفائزون في هذه التظاهرات أية مكافآت عينية أو مالية نظيرا للمرتبة التي حققوها.
* يتم خرق البروتوكولات المرافقة للبطولة من حين لآخر كعدم تخصيص مكان لمنصة التتويج إطلاقا أو تناسي وضع صورة ملك البلاد،وعدم تعليق العلم الوطني بمحاذاتها…
* عدم وضع دليل للبطولة يوضع في حوزة الجمهور يعرف بالبطولة واهدافها والمشاركين و فوائد الرياضة موضوع البطولة وجدول زمني للمباريات…
* عدم مراقبة جودة الأطعمة التي يتناولها الحكام قبل بداية البطولة أو في خضمها.
* عدم وجود العدد الكافي من رجال القوة العمومية لتأمين البطولة وفي أحايين كثيرة لا يوجد أي عنصر من عناصر الشرطة او القوات المساعدة أو حتى رجال الأمن الخاص.
* ضعف التجهيزات المستعملة في هذه البطولة من مكبرات صوت و شاشات تلفاز بفعل تعرض غالبيتها للتلف من جراء كثرة الاستعمال وانعدام الصيانة الدورية لها.
2-2- الإدارة الداخلية للبطولات الرياضية بالمغرب:
لا يخلو هذا الجانب من غرابة خاصة عندما يرتبط بالمجال المغربي بدءا بعملية سحب القرعة وانتهاءا بالنظام المتبع في إدارة مباريات البطولة،حيث تسجل هنا مجموعة من التجاوزات الخطيرة يمكن تجميعها فيما يلي:
+ عملية ترقيم المشاركين وسط البساط وذلك عن طريق كتابة رقم عشوائي من 1 إلى 16 أو حسب عدد المشاركين في كل فئة أو وزن في كف كل مشارك على حدة ومباشرة بعد ذلك عملية خلط الأوراق وبطبيعة الحال تحمل هذه الأوراق أرقام المشاركين وتسحب كل ورقة على حدة وتوضع الورقة الأولى التي تم سحبها في الخانة رقم 1 ضمن الخطاطة التنظيمية للبطولة بغض النظر عن الرقم الذي تحمله وهكذا تحدد كل المباريات ويتم بعدها المناداة على المشاركين بالأرقام بدل أسمائهم الطبيعية كأن يقال 2 مع 4 و 9 مع 16 وقس على ذلك،هذه وسيلة مناسبة لربح الوقت وإختصار جهد القراءة ولكنها تبقى أداة حيوانية في تدبير عملية القرعة أو السحب لأن المعنيين بها بشر وليس شيء آخر وهذا ما نلاحظه مرارا وتكرارا في البطولات الجهوية والمحلية الخاصة بالفنون القتالية،نهيك عن عملية الموضعة المسبقة لبعض المشاركين في البطولة في الخانات التي تخول لهم التأهل مباشرة للدور النصف النهائي مستغلين فرصة تواجد مدربيهم بصفة حكام مكلفين بطاولة البساط بخاصة إذا كان عدد المشاركين في الوزن لا يتعدى 6 مشاركين إذ يتساهل هؤلاء المدربين مع تلاميذهم ليمكنوهم من ضمان ميدالية في البطولة وذلك بواسطة إعفائهم من الدور الأول إذ يتأهل والحالة هذه إثنين من المشاركين للدور النصف النهائي من دون عناء وحتى من دون قرعة وهذا عين السخف والحماقة.
وبالرجوع إلى عملية السحب أو القرعة وطالما أنها تكون عشوائية في الغالب في مثل هذه المسابقات كان من الصواب أن تجرى قبل البطولة بيوم أو يومين بعد حصر لائحة المشاركين وأن توضع الاسماء في أوراق صغيرة منفصلة داخل علبة وارقام الخانات التي سيوضع فيها كل إسم في أوراق صغيرة وداخل علبة مستقلة،ويتم خلط الأوراق جيدا وتسحب أول ورقة من علبة الأسماء ثم يليها سحب ورقة من علبة أرقام الخانات وهكذا،مثال: تم سحب ورقة تحمل إسم زينب وتم خلط الأوراق التي تحمل أرقام الخانات وتم سحب الرقم 6 إذن سيتم وضع زينب في الخانة رقم 6 وهكذا دواليك.
وهذا غيض من فيض ففي الكثير من البطولات الجهوية والمحلية لا يتم احترام ضوابط نظام خروج المغلوب من مرة واحدة إذ يجري تطبيقها بشكل محرف،وهذا ما أكدته الملاحظات الميدانية التي قمنا بها في وقت سابق،والقصد هنا البطولات التنشيطية التي تقام داخل الجمعيات فعندما يقل عدد المشاركين في الفئة عن العدد 8 مثلا،كأن يكون العدد 5 يقوم المكلف بالخطاطة التنظيمية للبطولة بإعفاء لاعب وتأهيله مباشرة للنهائي وبالتالي نكون إزاء لاعبين خاضوا ثلاث مباريات ولاعب يخوض مباراة واحدة فقط ينتصر فيها فيعلن فائزا بالدوري ككل وهذا خطأ فاضح
والقضية تحتاج لإجراء تقنية الإستبقاء وتروم هذه الأخيرة طرح العدد 5 من أقرب رقم زوجي له وهو 8 وهو رقم يجعل البطولة تسير بشكل مستوي وإذا طرحنا 5 من 8 يكون الباقي هو 3 وبالتالي نقوم بتأهيل 3 لاعبين مباشرة لنصف النهائي و يضاف إليهم الفائز في المباراة رقم أربعة في الدور الأول على اعتبار أن الاثنين المتبقيين من الخمسة يتقابلان فيما بينهما لتحديد لاعب واحد يلتحق بالآخرين ليتشكل المربع المذهبي من أربع لاعبين وتستكمل البطولة بطريقة عادية إلى حين تحديد بطل للدوري وتكون الحصيلة مشاركين خاضوا ثلاثة مباريات و مشاركين آخرين خاضوا مبارتين وعليه يتحقق مبدأ التوازي في المباريات.
كما أن غالبية البطولات الجهوية والمحلية تجرى من دون أدوار للترضية أو التعويض لإتاحة الفرصة أمام المتسابقين الذين خسروا في الأدوار التمهيدية لخوض مباريات التعويض على المركز الثالث والثالث مناصفة،وإن كان أمر الإستفادة من هذا الإمتياز مشروط بتأهل المتسابق الذي قام بإقصاء اللاعب المنهزم في الأدوار التمهيدية إلى المقابلة النهائية.
كما أن هذه البطولات لا تعتمد في تدبير مبارياتها على نظام المزج والذي من شأنه أن يجعل حظوظ المشاركين قائمة في التعويض في حالة الخسارة في المباراة الاولى وليس هناك إنفتاح على النظام السويسري لاسيما وأن بعض الفئات والأوزان لا يتعدى عدد المشاركين فيها 6 او 5 مشاركين فكان من اللائق إتباع النظام السويسري في هذه الوضعية لخلق جو من المنافسة وقياس قدرة المشاركين على التحمل وأغلب المنظمين يتعللون بحجة أن هذه الأنظمة مكلفة زمنيا وأن أمر تطبيقها قد يستهلك يوم كاملا بدل أربع ساعات أو ثلاث فقط في نظام خروج المغلوب من مرة واحدة،يتم هضم حق المتبارين في المنافسة وتطوير الأداء والرقي بمستواهم الفني على حساب إكراه الوقت ويمكن كذلك تفسير الأمر بعدم إدراك وإلمام المنظمين بهذه الأنظمة وكذا فوائدها،ولهذا يحتاج المنظمون والقيمون على البطولات في المغرب إلى مضاعفة تكوينهم في مجال تنظيم المسابقات الرياضية لتجنب الوقوع في مثل هذه التجاوزات.
ختاما يمكن القول بأن إدارة البطولات الرياضية داخليا وخارجيا يستلزم تضافر جهود مجموعة من المتدخلين والعمل وفق فريق تحت قيادة مدير ذو كفاءة يرص الصفوف ويوحد الرؤيا،وقبل هذا وذاك لابد من دراسة وتخطيط وهندسة خارطة تنظيمية للبطولة قبل إخراج البطولة إلى الوجود مع إستحضار أثناء التخطيط القبلي مفهوم المخاطر و الحالات الطارئة التي يمكن ان تعترض السير السليم للبطولة،وهذا كله يستهدف حسن تنظيم البطولة والتسويق المثالي للقدرات التنظيمية للبلدان إذا تعلق الأمر بتنظيم بطولة دولية أو قارية،وفي المغرب نفتقر مع الأسف الشديد إلى أطر مؤهلة في تنظيم المنافسات الرياضية اللهم القليل وهم معدودون على رؤوس الأصابع،ومنه فإن نجاح أي بطولة تنظيميا هو متوقف على احترافية وتناسق وتعاون كل اللجان الفاعلة في تنظيمها وفي إختيار النظام الملائم لإدارة مبارياتها بعد دراسة وافية تعتمد على عدة عوامل،وهي؛ عدد المشاركين،الزمن،مساحة القاعة المحتضنة للحدث،عدد الحكام المتوفرين…
بقلم:عبدالرزاق حمادشي.