نيكولا ساركوزي.. رسالة للتاريخ لا للصحف
زكية لعروسي
قبل دخوله سجن لا سانتي، وجّه الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي بيانًا مؤثرًا حمل أكثر من مجرد دفاع شخصي، إذ بدا أقرب إلى رسالة فكرية عن معنى العدالة والكرامة في زمن الارتباك الأخلاقي.
في نصّه، تجنّب ساركوزي لغة المظلومية أو الاستعطاف، وفضّل أن يخاطب الرأي العام بنبرة هادئة واثقة، معبّرًا عن إيمانه بأن الحقيقة لا تموت وإن طال انتظارها. وجاء بيانه ليعكس انتقاله من خطاب التبرير إلى خطاب الرسالة، إذ اعتبر أن ما يعيشه ليس حُكمًا قضائيًا فحسب، بل علامة على انحراف ميزان العدالة عندما تُستعمل كأداة للانتقام السياسي.
برصانة لافتة، كتب ساركوزي عن وطنه فرنسا بأسى يختلط بالحب، مؤكدًا أن ما يُهان اليوم ليس فردًا بل جمهورية فقدت توازنها. وفي ختام بيانه، أطلق عبارة مؤثرة تختزل تجربته ومعناه الإنساني:
“الحقيقة ستنتصر، لكن الثمن سيكون باهظًا.”
بهذا النص، يقدّم ساركوزي شهادة تتجاوز حدود السياسة، لتصبح تأملًا في معنى الكرامة حين تُختبر في أقسى الظروف، ورسالة إلى التاريخ بأن الحرية الحقيقية تبدأ من القدرة على الوقوف بثبات أمام العاصفة، إنه قطعة نادرة من الأدب السياسي، كتبها رئيس سابق لكنه بدت أقرب إلى تأمل رجل يكتب للتاريخ لا للصحف.

