الخصي ( Castration) للسيطرة على الكلاب الضالة حلول مستدامة بين العمليات الجراحية والحلقات المطاطية والارادة السياسية
د.جميلة مرابط
رئيسة مؤسسة Fan للحفاظ على الطبيعة وحماية الحيوانات
تعتبر عملية الخصي من العمليات التي تجرى بكثرة في بعض الدول وخاصة على الحيوانات، ويمكن تعريف عملية الخصي بأنها إزالة الخصيتين من الجسم أو إبطال مفعولهما مع بقائهما مما يؤدي إلى انعدام تأثيرهما أو انخفاض في مستوى الهرمونات الجنسية الذكرية في الدم وبالتالي يتسبب في عقمها وعدم نمو الأعضاء التناسلية نموا طبيعيا وتتأخر أو تغيب الرغبة الجنسية وصفات الجنس الثانوية حيث يميل الحيوان إلى الهدوء وبالتالي تسهل إدارته وينشغل بتناول المواد العلفية بكميات أكثر .
لقد أجريت تجارب عديدة عن تأثير خصي الحيوانات على القطعان التجارية من المواشي، وأبانت أيضا عن نجاعتها وجدواها خاصة للسيطرة على الكلاب الضالة حتى لا تتكاثر، وتجرى عملية الخصي بعدة طرق منها:
- الطريقة الجراحية surgical method: تجري عملية خصي بتعقيم كيس الصفن ثم يمسك نهاية كيس الصفن لأحدى الخصيتين باليد اليسرى وتدفع إلى الخلف وبعدها تقطع نهاية كيس الصفن وتسحب الخصية مع الوعاء الناقل وتقطع بعد ذلك تعاد العملية نفسها على الخصية الاخرى ثم تنظف منطقة الجرح وتعقم حيث يلتئم الجرح بسهولة بعد ايام.
هذه الطريقة تعتبر من أكثر الطرق ضمانا لأن الخصيتين تزال كلتاهما. وينعدم تأثيرها على الجسم بصورة تامة ولكن للأسف هي جد مكلفة ماديا خاصة عندما يتم اجراؤها عند بياطرة القطاع الخاص.
- طريقة الخصي باستعمال آلة البرديزو Burdizzo: وفي هذه الطريقة يمسك الحيوان في الوضع الجالس أيضا وتمسك الخصيتين حيث يوضع آلة البرديزو في نهاية الخصيتين ويضغط عليها حيث تتلف الأوعية الناقلة والحبال المنوية والاعصاب وتجري عملية الضغط لكل خصية على حدة وبعد مرور فترة زمنية تضمر الخصيتين وتسقط. ويعاب على هذه الطريقة بانها تحتاج إلى شخص ذو خبرة كافية باستعمال آلة برديزو لأنه قد لا يتم قطع الأوعية الناقلة بصورة جيدة مما يؤدي إلى عدم فاعلية هذه العملية.
- الخصى باستعمال الحلقات المطاطية: Castration using rubber rings : لقد شاع استعمال هذه الطريقة بالآونة الاخيرة لسهولتها وسرعة القيام بها حيث يمكن اجراؤها بمسك الحيوان بنفس الطريقة السابقة وتؤخذ حلقة خاصة من المطاط وتوضع في الة تسمى Elostratar لغرض فتحها وتكبيرها وبعد ذلك تدخل الخصيتين في فتحة الحلقة وتسحب الآلة فتبقى الحلقة في نهاية الخصيتين القريبة من الجلد حيث تضغط على الأوعية الناقلة والاوعية الدموية وبالتالي تتسبب في عدم وصول الدم الى الخصيتين ثم تضمر وتضمحل الخصيتين بعد فترة قصيرة.
ويراعى فيها أن يتم التأكد من دخول كلا الخصيتين إلى داخل الحلقة المطاطية والا فقد تدخل احداها وتبقى الأخرى خارج الحلقة اي من جهة جسم الحيوان مما ينتج حيوانا ذو خصية واحدة.
- ربط الخصيتين بالجسم: وفي هذه الطريقة تربط الخصيتين بقطعة قماش بالسطح السفلي للجسم لكي ترتفع درجة حرارة الخصيتين نتيجة ملاصقتها للجسم لان انتاج الحيوانات المنوية يتم في درجة حرارة اقل من درجة حرارة الجسم وهذا يفسر وجود الخصيتين في كيس الصفن خارج الجسم فاذا ما ارتفعت درجة حرارة الخصيتين تأثر تكوين ونمو الحيوانات المنوية وبالتالي يصاب الحيوان بالعقم المؤقت.
وهذا من الناحية العلمية و العملية، التي لها نتائج جد مرضية وفعالة … لكن تبقى عدم نجاعتها على أرض الواقع خاصة للسيطرة على الكلاب الضالة له علاقة بعدم الرغبة وتفضيل الطرق التقليدية الفورية مثل القتل والتسميم… خاصة لدا العقول الضيقة التي ترى في الكلاب حيوانات بلا نفع وعشوائية ولا تشكل أي دور في النظم الايكولوجية والبيئة بصفة عامة. وتعتبر ملف الكلاب الضالة من الملفات الثانوية لا يستحق أن يتخذ أي اجراء عملي في حقه… لهذا يظل حبيس المجالس المحلية التي تدبر الشأن المحلي سواء بالمدن أو الجماعات الترابية القروية. ورغم تفاعل السلطة واستجابتها للتعليمات الملكية بتجاوز الطرق التقليدية وبضرورة تفعيل برنامج التعقيم والتطعيمات، إلا أن الفاعل السياسي المنتخب لتدبير الشأن المحلي لا يولي أي اهتمام لذلك.. لهذا نجد غالبية الجمعيات النشيطة في المجال ترى أي يسحب هذا الملف من المكاتب المنتخبة إلى المؤسسات عمومية أكثر تخصصا.
كما نعلم أن البيئة وبكل جزئياتها، هي العنصر الوحيد الذي لا يقبل المزايدات السياسية والخلافات بين الفرق الحزبية وبالتالي التأثير على مسار القرارات الواجب اتخاذها… لأن أي خلل في أحد العناصر البيئة يتحمل عواقبه المجتمع بأكمله… وهو ما يحصل حاليا مع ظاهرة الكلاب الضالة فتكاثرها وتواجدها داخل المدن لا يزعج فئات فقط دون أخرى بل المجتمع بأكمله… فمثلا لا قدر الله إذا تواجدت كلاب مريضة بفيروسات مثل الليشمانيا الكلبية أو داء الكلب ألا تعتبر ناقلة للأمراض نحو الانسان… لهذا فالحلول المقدمة للسيطرة على هذه الظاهرة جد سهلة وقابلة للتنزيل ومستدامة وليست مستحيلة ما يلزم الرغبة والارادة لخدمة المجتمع والصالح العام.