حين يُكافأ الوفاء بالإقصاء..صرخة مناضل نقابي في ضمير الاتحاد
حين يُكافأ الوفاء بالإقصاء..صرخة مناضل نقابي في ضمير الاتحاد
بقلم: محمد النقاش – مندوب أجراء لنقابة UNTM، مراكش
لا شيء يقتل روح الالتزام ويضعف عزيمة النضال أكثر من الإقصاء القادم من الداخل. حين تقابل سنوات من العطاء الصادق والوفاء باللامبالاة والتهميش، تصاب الذات النضالية بنكسة مؤلمة وتطرح أسئلة كثيرة عن الجدوى والاستحقاق.
لسنوات طوال، كنت حاضرا في قلب العمل النقابي، أمثل زملائي في مؤسسة (M . P) بكل صدق وقناعة، وأشارك في كل المحطات النضالية على الصعيدين المحلي والوطني، وأبذل الجهد والوقت من أجل صون كرامة العامل، دون انتظار جزاء أو شكر.
لكن ما حدث في إحدى المحطات التنظيمية سنة 2021 شكل لحظة مراجعة قاسية. حين يكون صوت القاعدة جاهزا للمرافعة ويقابل ذلك بتجاهل مؤسف، تنبعث الصدمة لا من الخارج، بل من داخل الهيكل الذي نحتمي به. محاولات التعبير عن رفض الانحراف لم تقابل بالنقاش، بل بالإقصاء والتأويل، وكأن الحرص على المبادئ تهمة!
رغم ذلك، اخترت ألا أنسحب. آثرت التمسك بخيط الأمل المتبقي، إيمانا بأن النقابة ليست حكرا على الأشخاص، بل هي فكرة ومشروع ومستقبل. رفضت الاستسلام، وناصحت، وانتظرت، وصبرت… ولم يثنني الطعن في الظهر عن مواصلة الإيمان بأن الإصلاح ممكن، وأن للحق أفقا لا يُحجب.
اليوم، أرفع صوتي عاليا، لا ضد أشخاص، بل ضد ممارسات تفرغ التنظيم من جوهره، وتحول الفعل النقابي إلى أدوات ظرفية. إن كنت أكتب، فلأنني أؤمن أن الصمت عن الخطأ هو خيانة للمبادئ، وأن احترام الذات يبدأ بالتعبير عنها بكرامة.
أدعو كل من يهمه مستقبل العمل النقابي أن يعيد للثقة اعتبارها، وللنزاهة مكانتها، وللمناضلين صوتهم. أما أنا، فسأظل متمسكا بمرجعيتي النقابية، وبدوري كمندوب للأجراء، لأنني أومن أن النضال ليس موقفا ظرفيا، بل مسار يتسع للصدق كما يتسع للجراح.
*وفي الأخير،*
رغم كل محاولاتي للصبر والانضباط، فإنني أؤمن بأن كرامة المناضل لا تساوم، وصوته لا يصادَر. لذا، إن لم يتم إنصافي داخل أطر الاتحاد، وإن استمر التعتيم والتجاهل، فسأتجه، بكل مسؤولية، إلى سلك سبل أخرى متاحة لي قانونيا وأخلاقيا، لإيصال صوتي وحماية حقي، لأن النضال الحقيقي لا يختزل في الصمت، بل في الدفاع عن المبادئ حين تنتهك.