المغرب يقنن حق الإضراب بقانون تنظيمي مثير للجدل وسط معارضة نقابية
صادق مجلس النواب المغربي أمس الخامس فبراير 2025، على مشروع قانون يحدد شروط وكيفيات ممارسة الحق في الإضراب في قراءة ثانية، وحظي هذا المشروع بموافقة 84 نائباً، فيما عارضه 20 آخرون وغاب 291 برلماني و برلمانية عن جلسة التصويت.
تزامنت هذه المصادقة مع إضراب عامّ استمر يومين، دعت إليه نقابات عمالية إلى جانب بعض الأحزاب، على رأسها حزب فيدرالية اليسار الديمقراطي، احتجاجاً على ما وصفوه بـ “السياسة اللااجتماعية للحكومة، التي تسعى إلى تمرير مشاريع قوانين تمس بمكتسبات الطبقة العاملة”.
صادق مجلس النواب على مشروع القانون التنظيمي رقم 97.15 المتعلق بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب، وذلك في قراءة ثانية بعد إحالته من مجلس المستشارين بعد المصادقة عليه بالاجماع.
هذا القانون الذي طال انتظاره، أثار جدلا واسعا في الأوساط النقابية والسياسية، حيث اعتبرته النقابات تراجعا عن المكتسبات وتضييقا على حق الإضراب. ورغم هذا الجدل، يبقى هذا القانون مهما لتنظيم ممارسة هذا الحق الذي يعود إلى أول دستور للمملكة سنة 1962 حيث كان المغرب سباقا للدعوة الى هذا الحق دوليا.
يأتي هذا التصويت بالتزامن مع إعلان المركزيات النقابية عن خوض إضراب وطني عام احتجاجًا على تمرير مشروع القانون.حيث اعتبرت أن القانون “تكبيلي” للحق في الإضراب، وأنه لم يحظ بتوافق معها، كما أنه يتجاهل مطالبها وتعديلاتها المقترحة.”
دعا عبد الله بوانو، النائب البرلماني عن حزب العدالة والتنمية، الحكومة إلى تحمل مسؤوليتها والتحلي بالتعقل في معالجة القضايا المهمة التي تهم المغاربة.
خلال تعقيبه في جلسة التصويت على القانون التنظيمي للإضراب بمجلس النواب. شدد بوانو على ضرورة تعامل الحكومة بروح المسؤولية والاستماع لمطالب النقابات، محذرًا من أن التعنت والاعتماد على الأغلبية العددية لن يكونا حلًا ناجعًا.
ومن جهته أكد وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، يونس السكوري أن مشروع القانون التنظيمي ر، يروم في المقام الأول “حماية حقوق الشغيلة والمنظمات النقابية، كما يجرم منع المضربين من طرف المشغل الذي لا يحترم القانون”.
مبرزا في تصريح للصحافة عقب المصادقة على هذا النص التنظيمي من قبل مجلس النواب في إطار قراءة ثانية، أنه تم بموجب النص “إعطاء الأولوية للشغيلة، وكذا إمكانيات مهمة لتحديد الآجال، والتفاوض لإيجاد حل للمشاكل، فضلا عن حماية حرية العمل والمجتمع من خلال الحد الأدنى للخدمات”.
كما سجل الوزير أن المغرب “يتوفر اليوم على قانون متوازن، في صالح الشغيلة”، مشددا على أنه سيتم الحرص “على تطبيقه كما تم التصويت عليه”.
مشيرا إلى ضرورة “استمرار علاقة الحكومة بالنقابات في إطار الحوار”، مذكرا بأن الحكومة عملت على رفع الحد الأدنى للأجور، ومراجعة الضريبة على الدخل، مؤكدا أنه “سيتم مضاعفة المجهودات في إطار الحوار الاجتماعي لتلبية رغبات المواطنين، بشراكة مع النقابات والفرقاء الاجتماعيين”.
وباعتباره قانونًا تنظيميًا، سيُحال هذا القانون وجوبًا على المحكمة الدستورية للبت في مطابقته للدستور قبل نشره في الجريدة الرسمية ودخوله حيز التنفيذ.حيث ستراقب المحكمة الدستورية مدى احترام القانون للدستور المغربي، خاصةً الفصل 29 الذي يضمن حق الإضراب، والفصول المتعلقة بالحريات والحقوق الأساسية.”
يبقى السؤال، هل سيؤدي تمرير القانون إلى مزيد من التوتر الاجتماعي والتصعيد من قبل النقابات؟ أم أنه سيفتح الباب لحوار جاد ومسؤول بين الحكومة والنقابات للوصول إلى حلول توافقية؟