المسيرة الخضراء: ملحمة خالدة في ذاكرة الأمة
محمد الدفيلي
في أعماق التاريخ المغربي الحديث، تتربع المسيرة الخضراء على عرش الملاحم الخالدة التي سطرها المغاربة بأحرف من نور. هذه المسيرة السلمية العظيمة، التي انطلقت في السادس من نوفمبر عام 1975، ليست مجرد حدث تاريخي عابر، بل هي تجسيد حي لوعي وطني عميق، وإرادة شعب عازم على استكمال وحدته الترابية.
كانت المسيرة الخضراء نقطة تحول في مسار التاريخ المغربي، حيث أظهر الشعب المغربي للعالم أجمع مدى تمسكه بأرضه، ومدى استعداده للتضحية من أجل قضية عادلة، لقد كانت هذه المسيرة تجسيداً حياً للوحدة الوطنية والتلاحم بين الشعب والعرش، حيث انطلق مئات الآلاف من المتطوعين من كل ربوع المملكة حاملين القرآن الكريم والأعلام الخضراء، متوجهين صوب الأراضي الصحراوية لاسترجاع حقهم المشروع.
تجاوزت أهمية المسيرة الخضراء الإطار الجغرافي للمغرب، لتكتسب بعداً إنسانياً وقيمياً عالمياً. فقد أثبتت المسيرة أن القوة الناعمة، والقيم السامية، والإرادة الصلبة، هي أقوى من أي قوة عسكرية أو سياسية. كما أنها أكدت على أهمية الحوار السلمي في حل النزاعات، وعلى حق الشعوب في تقرير مصيرها بنفسها.
رغم مرور عقود على المسيرة الخضراء، إلا أن قضية الصحراء المغربية لا تزال تواجه تحديات كبيرة. لكن الشعب المغربي، بفضل وحدته وتماسكه، تحت الرؤية المولوية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله و أيده، وبفضل الدعم الدولي المتزايد، قادر على مواجهة هذه التحديات وحماية مكتسباته.
إن ذكرى المسيرة الخضراء هي مناسبة للتذكير بواجبنا الوطني في الحفاظ على وحدتنا الترابية، والدفاع عن حقوقنا المشروعة. وهي أيضاً دعوة للشباب إلى مواصلة مسيرة البناء والتنمية، والعمل على ترسيخ مكانة المغرب كدولة عصرية ومزدهرة.