للأعذار بقية …قصيدة نثرية للمبدعة أميمة التّهامي
للأعذار بقية …
لا أملك عذرا بل مئات الأعذار ،
لتعلم أيها الشّقي ، المراوغ ، أيّها
الهادئ المتمكن …
أنّي لست أبادر حتّى بالتّحية ،
لأني أخشى أن تكون على دين غير ديني فتردّ عليّ بقبلة
أو تصوب نحوي بندقية وردية ،
ثم تدّعي سلاما هذا ،
لأعبر دربي و أرضي الأبدية .
لأنّي لا أعرف نواميس دولتكم ،
و لا طقوس الحب فيها ،
أهي تقبل بأن أتلحف قماشا حتى أراك
من وراء قصيدة نثرية ؟
أم أن لابد لي أن أدعوك تتناول مشروبا في غرفتي ،
نمرح قليلا ، عاشقان !…
ثم لا شيء يجمعنا سوى اعتذار عن
خطيئة ، كنت فيها أنا الضحية .
أخبرني أيها الودود ، أيها اللّص ، الذي تحاول عبثا سرقة قلبي ،
ما الحضارة عندكم و ما الجاهليّة ؟
دعني أقول بعيدا عن تمرّدك كالمغوليين
و قفاهم تحت المقصلة ،
أن في كلاهما
يُغتصب شرف الحرية ،
فمن أعذاري أني أخشى أن أكون أكثر تحضّرا ،
فأسقط في هفوة العبودية .
و لأنّي لا أعرف مواعيد فصولكم ،
و كم فيها من شهر أو ساعات ؟
فربيع عروبتنا دهراً ، لم ينته بعد …
غير أن السّماء مهما امتنعت لحكمةِ ، تبشرنا بالشفاعة المحمّدية .
أخشى أن تكون مقيما أيها العاشق ،
في بلدٍ غير بلديَ ،
صوت الحياة عندكم مختلفاً ، و كذلك الموت ،
فهنا لا فرق بينهما ، غير أن الموت أكثر ألَما حينما نموت ،
و أكثر نعومة حينما نستشهد
كالحسين
و مثله عليّا ،
إعلم أيها الشّقي ، المراوغ ، المتمكن و الهادئ ،
فإني قد انبثقت من رحم أمّة حرّة ،
أمازيغية ،
و عربية ،
نصف الحب وهبته لأبنائها ،
و النصف الآخر عشقا و وطنية ،
أمّتي تُعِدّ حبّات الرّمل الذهبية حبّة حبّة،
على راحة يديها دون ملل ، حُبّا و طواعية ،
فكيف تأخذ منها حبّة ؟
و هي صحرائِيّ فيها أنا و هي فيَّ .
أما هذا النّمش و سُمرة لوني ، و حمرة شفاهي
و خضرة شراييني ، توحي أني مغربية ،
فهل تكفيك أني مغربية ، بعد كل هذه الأعذار …
و للأعذار بقية ،
أبسطها أني لا أريدك و كفى ،
أرقّها أنّي أحترم تفاصيل الكون لأنها لم تجعل منّا حبيبين ،
كما تدّعي قوّتك المغرية .
أميمة التّهامي .