إدارة المسابقات الرياضية ( الإطار النظري العام)
بقلم: عبدالرزاق حمادشي
تشمل الإدارة في عصرنا الحالي مختلف مناحي الحياة،من اقتصاد وتجارة ورياضة و أسرة و بيت و مدرسة…حيث صارت لفظة الإدارة اكثر تداولا على مستوى الإستعمال الأكاديمي فبتنا نتحدث عن الإدارة العامة والإدارة الخاصة وإدارة النجاح وإدارة الوقت وإدارة المعرفة وإدارة اللامادي وإدارة الأزمات وإدارة المخاطر وإلإدارة التربوية والإدارة الرقمية والإدارة الأمنية والإدارة الرياضية…وما يهمنا في هذه النافذة هو هذه الأخير ( أي الإدارة الرياضية) في شقها المرتبط بإدارة المسابقات الرياضية،فماذا نقصد بالإدارة و ماذا نعني بالمسابقة و ماذا نعني بالرياضة؟
يراد بالإدارة في هذه الورقة،تلك التدابير والإجراءات التنظيمية التي ترافق اقامة المسابقات الرياضية من تعيين اللجان و إدارة مباراياتها أي الإدارة الداخلية والخارجية للمسابقات الرياضية،ولكننا سنكتفي بمقاربة الإدارة الداخلية للمسابقات الرياضية والتي تفيد طرق إجراء المباريات في المسابقات الرياضية.
يمكن تعريف المسابقة بكونها ملتقى يتجمع فيه مجموعة من الأبطال المنتسبين لنوع رياضي معين او أكثر بغرض التنافس على احراز المراكز الأولى في احترام تام لقواعد الألعاب الرياضية و أخلاقيات التباري ويكون هذا الملتقى عادة محدد المدة،تنقسم المسابقات الرياضية إلى عدة اصناف:
– مسابقات جهوية
– مسابقات محلية
-مسابقات قارية
-مسابقات عالمية
– مسابقات رسمية
– مسابقات ودية
– مسابقات تنشيطية
للرياضة تعريفات وتحديدات مفاهيمية كثيرة لكننا سنقتصر على وضع تحديد مفاهيمي واحد لا غير،لهذا نستطيع تعريف الرياضة بأنها مجموعة من الحركات و الأنشطة المتناسقة والمتناغمة التي يمارسها الإنسان بشكل دائم او جزئي بغاية المحافظة على صحته النفسية والجسمانية.
أولا: أنواع وطرق إدارة المسابقات الرياضية:
يقصد بطرق إدارة المسابقات الرياضية مجموعة من الأنظمة الداخلية التي تعتمد في تدبير مباريات البطولات الرياضية على اختلاف مستوياتها والتي تتراوح بين نظام خروج المغلوب من مرة واحدة ونظام خروج المغلوب من مرتين وبين نظام الدوري ونظام المزج.
1-نظام خروج المغلوب من مرة واحدة:
يعني هذا النظام الخروج التلقائي للمنهزم من البطولة،فخسارة اللاعب في البطولة تعني إقصاؤه نهائيا من التباري،فإذا تقابل عمر مع زيد وانتصر زيد هذا يمنح زيد حق مواصلة التباري على اللقب أما عمر فيكون مصيره الإقصاء المباشر من المسابقة،كما أن حضور 8 مشاركين في البطولة يوحي بأن مراحل المسابقة ستوزع على ثلاثة مراحل وهي كالآتي: مرحلة ربع النهائي سيتم فيها إستبعاد أربع متبارين فيما الاربعة الأخرين سيتأهلون للمرحلة الثاني أي مرحلة نصف النهائي في هذه المرحلة سيتبقى لنا أربع متبارين فقط سيتم اقصاء متباريين في هذه المرحلة بينما المتباريين المتبقيين سيتأهلان للمرحلة الثالثة ويطلق عليها الدور النهائي وفي هذه المرحلة سيتم اقصاء متباري وهو المنافس المنهزم وسيوشح بالفضية،بينما المتباري المنتصر يتوج بلقب البطولة وبالتالي الميدالية الذهبية،في حين المتبارين الذي خرجوا من دور النصف سيتم منحهم ميداليتين نحاسيتين واللتان تمنحان لأصحاب المركز الثالث والمركز الثالث مناصفة.
ترد على نظام خروج المغلوب من مرة واحدة بعض الإستثناءات من قبيل طريقة الإستبقاء وتطبق هذه القاعدة في حالة عدم استيفاء عدد المتسابقين للعدد المسموح به لإقامة بطولة بشكل مستقيم من البداية،ولكي تكون البطولة متوازنة من الأول لابد من حضور الأعداد الزوجية التالية؛8،4،16،32،64…لكن الواقع اكد بأنه في بعض الحالات تشهد بعض البطولات مشاركة 6 مشاركين في وزن واحد اذا تعلق الأمر بمسابقة في نوع رياضي قتالي،فإننا نطبق قاعدة الإستباق والتي تعني طرح عدد المتنافسين في الوزن من عدد زوجي قريب منه،والعدد الزوجي القريب من عدد 6 في هذه الحالة هو 8 وبالتالي سنعمل على طرح 6 من 8 وفق هذه الصيغة؛( 8-6)= 2،وعليه فإن اثنين من المتبارين سيتأهلون مباشرة للدور الثاني بينما الأربع المتبقين سيتنافسون فيما بينهم من اجل تحديد متباريين اثنين أخرين ينضفان إلى المتبارين المعفيين من الدور الأول ليتشكل الدور الثاني من أربع متبارين وهكذا ستصير البطولة معتدلة إلى حين تحديد البطل والوصيف وأصحاب المراكز الثالثة.
وتوجد حالة أخرى مدرجة في نطاق الإستثناءات،وهي المتعلقة بإعتماد نظام الترضية او التعويض او الإستدراك والذي يعني منح المتباري حق المنافسة على الميدالية البرونزية،بالرغم من مغادرته للبطولة من الدور الأول وذلك وفق شروط معينة،ففي حالة اعتماد نظام التعويض في ظل نظام خروج المغلوب من مرة واحدة وهذا ما سنسقطه على مسابقة مشكلة من 8 متسابقين،فالنفترض ان زيد تأهل للنهائي بعدما اقصى في دور الربع ربيع وفي دور النصف النهائي الأول سمير،وفي الجهة المقبلة تأهل عمر للنهائي بعدما أقصى زهير في دور الربع وفي الدور النصف النهائي الثاني أزاح كريم،في هذه الوضعية سيتقابل في دور الترضية او التعويض من اجل تحقيق الرتبة الثالثة ربيع مع سمير والفائز في هذا النزال سيتوج بالميدالية النحاسية الأولى.
وعن ذات الدور سيتبارى كريم مع زهير والفائز في هذا النزال سينال الميدالية النحاسية الثانية،وهكذا نكون قد حددنا المرتبة الثالثة والثالثة مناصفة،إلا ان اللجوء لمسطرة التعويض تبقى متوقفة على تأهل و عبور الفائز في الدور الأول للنهائي لكي يتيح لخصمه المنهزم في الدور الاول فرصة المنافسة على الميدالية النحاسية.
ما يلاحظ من خلال التجارب التي راكمناها في حضور وإدارة المسابقات الرياضية المحلية في رياضة الكاراتيه كحكم ومنظم وكمراقب عام وكمشرف عام وهي كلها تجارب متواضعة،بينت بالملموس أن الواقع ينذر بمجموعة من الإختلالات التي تعترض تطبيق نظام خروج المغلوب من مرة واحدة وسأقتصر على ذكر نموذج واحد من هذه الإختلالات على امل التوسع في هذا الموضوع في معرض حديثنا لاحقا عن واقع الإدارة الرياضية بالمغرب والذي سيكون مقالا مطولا من جزئين،ففي بعض البطولات المرتبطة برياضة الكراطي وقع ان شارك في إحدى الفئات خمسة متبارين فقط فقام المشرف على إدارة المباريات في هذه التظاهرة بإعفاء متسابق من الاداور الإقصائية الأولى وتأهيله مباشرة إلى النهائي في حين سيكون على باقي المنافسين خوض مبارتين إن أرادوا ملاقاته في النهائي،فكيف يعقل ان ينتصر متسابق في مباراة واحدة ويعلن فائزا بالبطولة بينما يتعين على بقية المتسابقين الفوز على ثلاثة متسابقين او متسابقين ان أرادوا التتويج باللقب،كان من الملائم اعفاء ثلاثة منافسين من الدور الأول وفي المقابل سيتبارى المنافسين المتبقيين على مقعد رابع مؤهل للدور الثاني،ليتم تشكيل الدور الثاني من أربع متبارين وبالتالي ستصير البطولة بطريقة عادية،سنكون امام منافس اجرى ثلاثة مباريات ومنافس اجرى مبارتين فقط في السعي وراء التتويج بكأس البطولة او الميدالية الذهبية.
2- نظام خروج المغلوب من مرتين:
يقصد بنظام خروج المغلوب من مرتين،اقصاء المتباري من المنافسة بمجرد تعرضه لخسارتين متتاليتين وما يميز هذه الطريقة ان الإقصاء فيها لايكون تلقائيا بل يكون امام المتباري فرصة تعويض خسارته الأولى ويبقى حظه قائما بالفوز باللقب بالرغم من هزيمته في الدور الأول.
يمكن اعتماد نظام خروج المغلوب من مرتين في حالة ما إذا واجهتنا مشكلة النذرة على مستوى الميداليات المتوفرة في البطولة و إن كان هذا يعتبر سوء تقدير من قبل إدارة البطولة ككل،ولكن وكنوع من إدارة او تدبير الأزمات يمكننا الإستنجاد بنظام خروج المغلوب من مرتين وهذه الطريقة تحدد لنا البطل والوصيف فحسب،والبطولة التي نحن بصددها فيها ميدالية فضية واخرى ذهبية لاغير فيما الأشياء العينية الاخرى كالشواهد مثلا متاحة بكثرة سيكون هذا النظام مناسبا لإدارة هذه البطولة وعليه فإننا سنقوم بتوجيه الفائزين في اتجاه اليمين بينما المنهزمين سنوجههم نحو اليسار والخاسرين في لائحة اليمين يتم توجيهم عن طريق الإزاحة نحو اليسار بناء على الخطاطة التنظيمية للبطولة وهكذا إلى ان يتوج بطل بالدوري وآخر بالوصافة،وقد يتعرض الفائز الاول في جهة اليمين لخسارة من قبل الفائز الاول من جهة اليسار ونكون في هذه الحالة في حالة تساوي خسارة لكل متباري،مما يدفعنا إلى الإلتجاء لمباراة فاصلة بين الطرفين لتحديد بطل الدوري.
3- نظام الدوري:
هو نظام لإدارة المسابقات الرياضية يتم الاستعانة به خاصة في المسابقات التي تعنى بالرياضات الجماعية ويمكن توظيفها حتى في بعض الرياضات الفردية.
يقوم هذا النظام على ضرورة ان يتقابل المتباري الواحد مع جميع المتبارين المشاركين في الدوري في إذا اقمنا بطولة من 4 مشاركين سيتحتم على كل مشارك من المشاركين خوض ثلاث مباريات ويتم مكافأة الفائز بثلاث نقاط و المنهزم بصفر نقطة والمتعادل بنقطة واحدة ويتم تحديد المراكز الأول والثاني و الثالث والرابع،بناءا على نتائج كل متسابق يتم تحديد الفائز بالدوري هذا ان كان الدوري من مرحلة واحدة اما إذا كان نظام الدوري من مرحلتين او ثلاث مراحل فإننا نسلك مسطرة أخرى وللتدليل على ما نقول يمكننا الإستعانة بالمثال التالي؛ دوري في كرة القدم من مرحلتين بمشاركة 8 فرق ،المرحلة الأولى يتم تقسيم المشاركين إلى مجموعتين،تتضمن كل مجموعة 4 مشاركين يتأهل الأول والثاني من كل مجموعة إلى المرحلة الثانية لنصبح امام مجموعة واحدة مشكلة من 4 عناصر يتنافسون فيما بينهم لتحديد المركز الأول والثاني والثالث والرابع،تظل هذه الطريقة ناجعة إذا كان عدد المشاركين في البطولة قليلا بالرغم من كونها تستنفذ وقت أطول إلا انها تعطي فرص عديدة أمام المشاركين من أجل قياس مستواهم التقني و ترفع من سقف التنافسية لديهم عكس طريقة خروج المغلوب من مرة واحدة.
سبق لي ان حضرت كمتابع خارجي (out sider) لدوري نظم بإحدى الجمعيات الرياضية احتفاء بمناسبة وطنية معينة وكان هذا الدوري خاص برياضة قتالية وكان عدد المتبارين في كل فئة لا يتعدى ثلاثة متسابقين او أربعة على أبعد تقدير،فكان من الأنسب اتباع طريقة الدوري من مرحلة واحدة وهكذا سنمكن كل متباري من خوض نزالين او ثلاث في البطولة،إلا أن مدير البطولة كان له موقف مغاير فقرر سلك مسلك نظام خروج المغلوب من مرة واحدة رغبة منه في اختصار الوقت والجهد غير آبه بمبدأ الرفع من معدل التنافسية بين المشاركين وقياس قدرة تحملهم.
4- نظام المزج:
يقصد به النظام المختلط اي ذلك النظام الذي يجمع ما بين نظام الدوري ونظام خروج المغلوب من مرة واحدة ويبقى هذا النظام صالح لجميع الرياضات الجماعية،ككرة السلة والقدم واليد والطائرة…يعني هذا النظام تشطير البطولة إلى نظام الدوري في المرحلة الأولى بمعنى تقسيم المشاركين في الدور الأول إلى مجموعات تتألف كل مجموعة من 4 مشاركين،يتأهل الأول والثاني من كل مجموعة إلى الدور الثاني،وبالتالي سيتم الشروع في تطبيق نظام خروج المغلوب من مرة واحدة ابداء من الدور الثاني أي دور النصف النهائي بحيث ستيقابل المشاركين الأربع المتبقين في هذا الدور لتحديد الطرفين المتأهلين للدور الثالث أي النهائي والذي عبره سيجري تعيين المتوج باللقب والوصيف في البطولة،وللزيادة في التوضيح اكثر سنسوق المثال التالي؛لنفترض ان هناك 9 فرق مشاركة في دوري ودي لكرة السلة،فطلب منا تطبيق نظام المزج على هذه العينة من المشاركين،سنقوم في هذه الحالة بتقسيم الفرق المشاركة إلى ثلاثة مجموعات تضم كل مجموعة 3 فرق،سيتأهل للدور الثاني عن كل مجموعة الفريق المتصدر للترتيب في مجموعته وينضاف إليهم فريق رابع كأفضل محتل للمركز الثاني في الدور الاول اي دور المجموعات،وهكذا سيتبقى 4 مشاركين في الدور الثاني والذي سنسلك من خلاله نحو نظام خروج المغلوب من مرة واحدة،وعليه سيتم تأهيل الفائزين في الدور الثاني اي دور النصف النهائي إلى المباراة النهائية ليتبقى لنا في المشهد الختامي للبطولة عنصرين فقط،سيتم منح الفائز في هذه المحطة اللقب في حين الخاسر سينال الوصافة.
ثانيا: طرق السحب او القرعة وأنواعها:
تعني طرق السحب أنواع القرعة التي تجرى قبل بداية البطولة والتي عبرها يتم تحديد مباريات البطولة من الدور الأول إلى الدور النهائي،وتنقسم القرعة إلى عدة أنواع،منها القرعة العشوائية والقرعة الموجهة والقرعة العشوائية والموجهة لكننا سنكتفي بمعالجة،نوعين فقط ألا وهما القرعة العشوائية والقرعة الموجهة نظرا لكثرة ذيوعهما.
1- القرعة العشوائية: وهي عبارة عن خلط عشوائي لأوراق صغيرة تتضمن المجموعة الاولى من الأرواق اسماء المشاركين،فيما تحتوي المجموعة الثانية على ارقام الخانات إذا كنا بصدد نظام خروج المغلوب من مرة واحدة،تسحب الورقة الأولى والتي تضم اسم المتسابق،وبعدها تسحب الورقة الثاني والتي تضم رقم الخانة التي سيوضع فيها المتباري وهكذا الا ان يتم تحديد خانة كل متباري ومعها تتحدد معالم الجولة الإقصائية الأولى وباقي أطوار البطولة.
2- القرعة الموجهة: هي نوع من أنواع السحب يتم اتباعها لتفادي وقوع البطل والوصيف في الأداور الأقصائية الأولى،فإذا ما نجحى في الذهاب بعيدا في البطولة يكون مصيرهما التقابل في المباراة النهائية،ولكي تتضح الصورة اكثر يمكن إعطاء المثال التالي؛احتل علي المركز الأول في بطولة اقيمت بنظام خروج المغلوب من مرة واحدة،بينما احتل محمد المركز الثاني ولتفادي تقابل علي ومحمد في الدور الإقصائي الأول أو الدور الإقصائي الثاني،نضع محمد في الخانة رقم 1 تم نضع علي في الخانة رقم 5 تم نجري القرعة ل 6 متبارين المتبقين إذا كانت البطولة متكونة من 8 متسابقين فقط.
وإذا كانت البطولة تعتمد النظام المختلط نتبع التقنية التالية: لنفترض ان فريق المجد بطل للنسخة السابقة وفريق النصر وصيف البطل،وفريق الأحلام ثالث البطولة و فريق النسور رابع البطولة،وهكذا سيكون التوزيع سيتم وضع فريق المجد على رأس المجموعة الأولى،وفريق النصر على رأس المجموعة الثانية،وفريق الأحلام على رأس المجموعة الثالثة،وفريق النسور على رأس المجموعة الرابعة.تم نتمم توزيع باقي المشاركين حسب السحب العشوائي على المجموعات الأربع،وبالتالي ستصبح كل مجموعة متشكلة من 4 فرق في حالة مشاركة 16 فريق في البطولة.
مما سبق نستطيع القول بأن إدارة المسابقات الرياضية،هو فن ومهارة قبل أن يكون علم يهتم بدراسة طرق تدبير البطولات والمباريات الرياضية،سواء على المستوى الداخلي و الخارجي،حاولنا الإقتصار في هذه الورقة على معالجة التدبير الداخلي للمباريات الرياضية،على أمل التوسع أكثر في مقال آخر في الجانب الخارجي في تدبير المسابقات الرياضية،ولكي نضمن إدارة حكيمة للبطولات الرياضية لابد من تكوين أطر مؤهلة في مجال تنظيم وإدارة التظاهرات الرياضية لا على الصعيد المحلي او الجهوي او الوطني.